الالهي ، وليست خاضعة للأهواء الانسانية والارادة البشرية ، كما حصل في الأديان السابقة ، حيث حرّف أتْباعها ـ خاصة الرئيسية منها كالديانة اليهودية والمسيحية ـ مبادئها وتعاليمها بحسب أهوائهم. فاليهود أطاعوا السامري وقاموا بعبادة العجل مع الله. والنصارى ابتدعوا مذاهب متعدّدة ، ورهبانية ما أنزل الله بها من سلطان ، بل وحرّفوا كتبهم المقدّسة طبق أهوائهم ومصالحهم.
وحين إصطفى الله نبيه محمداً صلىاللهعليهوآله للرسالة الاسلامية ، حذّر المسلمين من أن يصبحوا كأتْباع الديانات السابقة ، الذين عصوا أنبياءهم ، وحرّفوا كتبهم ، فآلوا إلى التمزق والاختلاف والانحراف عن تعاليم رسالاتهم ، وكيف لا يحذِّر الله ونبيه صلىاللهعليهوآله ، الأمّة الإسلامية من مصير الأمم السابقة والإسلام آخر الأديان السماوية جميعاً ، ورسوله ، خاتم الأنبياء والمرسلين؟ وهو الديانة الخاتمة الباقية إلى يوم الدين ، فلابد من تحذير أتْباع الدين الجديد الخاتم لئلا يكون مصيرهم كمصير اليهود والنصارى وغيرهم ، من الانحراف والتشرذم والابتعاد عن الحق ، سيّما وانهم أحقّ من غيرهم في هذا المجال ، لأنه ليس هناك ، بعد الاسلام ، دين آخر يقوم بتصحيح انحرافات الأمّة الاسلامية.
وبالفعل فلابد أن يفكّر رسول الله في مصير اُمّته قبل أن يدركه الموت ، حيث ان الإسلام قد اكتمل فعلاً ، وتطبيقه على الأمّة بحاجة إلى أيد عليمة أمينة لا يغرب عنها شيء من القرآن وأحكامه وتشريعاته ، وكذلك السُنّة النبوية ومعانيها وتفسيرها ، حتى لا تزيغ الأمّة وتنحرف وتتوزع إلى مذاهب وفرق شتى.
وإذا كان أبسط الصحابة قد فكّر بذلك إثر رحيله صلىاللهعليهوآله ، فكيف خفي عليه صلىاللهعليهوآله وهو خاتم الأنبياء وأعلم الأمّة ، ذلك الأمر الخطير وهو الفراغ الذي سيخلفه بوفاته ، وترْك الأمّة بلا راعٍ حتى قيام الساعة.