الفاضلان (١) ، بل ما نقلوا خلافا إلاّ عن الشافعي بأنه قال : يجتهد المكلف في تحصيل الأمارات المرجحات ، ومع العجز يجتنب (٢) ، فالظاهر أنها وفاقي بين المسلمين جميعا ، ومع ذلك مضمونها موافق للأصول ، كما ستعرف.
قوله : مع تحققه. ( ١ : ١٠٧ ).
لا يخفى أن النجاسة الشرعية ليست إلاّ تكليف الشارع بالاجتناب والتنزه وغسل الملاقي مثلا ، ولم يعرف من الشارع إلاّ أمثال ما ذكر ، وسيجيء عن الشارح في مبحث النجاسات (٣) الاعتراف بما ذكر ، بل نقول : نجاسة الماء لا تثبت غالبا إلا من النهي عن الوضوء والشرب والأمر بالصب مثلا ، ومقتضى ذلك أن النجس يحرم الوضوء والشرب منه مثلا ، فعلى هذا حكم الشارع بالنجاسة وعدم وجوب الاجتناب كما ترى ، بل لعله تناقض.
وأيضا إن كان العلم الإجمالي كافيا في وجوب الاجتناب فالأمر كما ذكره العلامة ، وإن كان شرط الوجوب تحقق العلم بعينه كما ذكره فلا يجب اجتناب واحد منهما مطلقا وإن استعمل أحدهما أولا ، لأن استعمال الثاني يوجب العلم باستعمال النجس الإجمالي ، لا أن الثاني بعينه نجس.
فإن قلت : يمكن أن يكون مراده أن المحكوم بالنجاسة هو أحد الإناءين ، والمحكوم بعدم وجوب الاجتناب هو كل واحد منهما بعينه.
قلت : إن أراد أن النجس هو أحدهما لا بعينه ، وغير النجس هو كل واحد منهما بعينه ، فيكون تعيين النجس باختيار المكلف ، ففساده ضروري ، لمخالفته لضروري الدين ومقتضى دليل النجاسة ، لأن الدليل هو
__________________
(١) المعتبر ١ : ١٠٣ ، التذكرة ١ : ٨٩ ، المختلف ١ : ٨١.
(٢) حكاه عنه في الناصريات ( الجوامع الفقهية ) : ١٨٠ ، والخلاف ١ : ١٩٧ ، وانظر الأم ١ : ١١.
(٣) انظر المدارك ٢ : ٢٥٩.