اصطلاح الفقهاء لا يلزم أن يكون حقيقة عند المتشرعة ، بل كثير من اصطلاحاتهم ليس كذلك ، منها اصطلاحاتهم في العقود والإيقاعات وغيرها ، ولذا يثبت تلك الأمور بقيودها من مجرد الألفاظ الواردة في النصوص ، فتأمّل.
إلاّ أن يقال : اصطلاحهما في المقام واحد ، لكن لا بدّ من التنبيه على ذلك. إلا أن يقال : الأصل الموافقة إلى أن يظهر المخالفة. على أنه كان التعريف على ما ذكره هو أنّ المراد من البئر المعنى العرفي فلا حاجة الى التطويل.
والأولى في الجواب أن يقال : إنّ المتبادر من لفظ العرف مطلقا ومن دون ضميمة هو العرف العام ، كما لا يخفى على المطلع على روية القوم ، والتطويل لرفع التوهم. وذلك لأنه لما كان يطلق في الشام والمشهد الغروي مثلا على آبارهم لفظ البئر فلعله يتوهم متوهم جريان أحكام الفقهاء فيهما أيضا ، فقيّد للإخراج ، فدعى ذلك إلى القيد الآخر ، إذ لعله يتوهم أن اصطلاح الفقهاء في البئر سوى اصطلاح العرف ، لكون العيون التي لا تجري غالبا عندهم من أفراد بئرهم.
بل يمكن أن يقال : إنّه لما كان ظاهرا أنّ مثل هذه العيون لا تسمى بئرا في عرف قال : عرفا ، من غير تعيين ، فعلى هذا يكون كل واحد من القيود الثلاثة لا بدّ منه في التعريف متمما له. فتأمّل.
قوله : وهو المشهور. ( ١ : ٥٤ ).
بل نفى ابن إدريس الخلاف بين الفقهاء في ذلك (١) ، وابن زهرة ادّعى الإجماع على ذلك (٢).
__________________
(١) السرائر ١ : ٦٩.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهيّة ) : ٥٥١.