فما دل على حجية ظن المجتهد على سبيل العموم يشمل هذا. والتزام أن كل واحد واحد من الظنون التي يعتمدون عليها عليه دليل قطعي بخصوصه سوى أمثال ما نحن فيه لعله جزاف وخروج عن الإنصاف ، وغير خفي على الملاحظ المتأمّل الفطن ، فتأمّل.
قوله : بأن ذلك يخرج الخبر. ( ١ : ٢٧٥ ).
دخوله في المرسل إنما يكون إذا كان الناقل للإجماع لا يكون هو مطلعا على الإجماع وعالما به وإنما نقله بواسطة أو وسائط وأسقط الواسطة ، وليس كذلك ، بل عبارات الناقلين في غاية الوضوح في دعواهم الاطلاع ، لا أنّه لا اطلاع لهم ، بل أخبرهم مخبر عن مخبر لم يذكروه وأخبروا على سبيل الخبر وكون العهدة على المخبر ، بل هذا فاسد قطعا.
ودعوى عدم إمكان حصول الاطلاع لهم في غاية الفساد ، كيف ونحن الآن في كثير من المسائل حصل لنا العلم والاطلاع ، وادعى الشارح ـ رحمهالله ـ الإجماع في كثير من المواضع على سبيل الاستناد والاحتجاج ، كما لا يخفى على المطلع ، منها في بحث نجاسة المني (١) وغير ذلك مما لا يحصى كثرة.
والناقلون للإجماع أقرب عهدا من الشارح وأعرف وأشدّ مهارة وأزيد اطلاعا بمراتب ، بل العوام حصل لهم اليقين بوجود « رستم » وأمثاله مع أنهم ما سمعوا وجودهم إلاّ من قليل من الناس ، وما اطلعوا على ذلك إلاّ من نادر من الكتب من دون أن يطلعوا على أن الناقلين ممن سمعوا ، فضلا عن أن يطلعوا على أن من سمعوه منه كان بعدد التواتر ، وهكذا إلى زمان رستم ، بل طريق علمهم التظافر والتسامع والتحدس والتفرس ، فلو أخبر العامي بوجود
__________________
(١) انظر المدارك ٢ : ٢٦٦.