يجوز اجتماعها على معلول واحد ، لأن الجواز لا كلام فيه ، وإنما الكلام في الظهور ، إذ لا نسلم الظهور في الواحد بل ندعي الظهور في التعدد كما مر.
بل الأخبار التي يستدل بها هاهنا أيضا ظاهرة في التعدد ، حيث قال : « إذا اجتمعت عليك حقوق » فإن الحقوق ظاهر بل صريح في التعدد ، وكذا قوله عليهالسلام : « أجزأك عنها » لأنه صريح في الكفاية عن المتعدد ، لا أنه لا تعدد أصلا ، فإن حجة الإسلام مثلا تكليف واحد لا يمكن أن يقال يجزئ عن حجتين للإسلام أو ثلاث حجج ، إذ لا تعدد في حجة الإسلام أصلا.
وأيضا : غسل الجنابة له ثواب خاص ، وهو من الفرائض ويرفع الحدث الأكبر والأصغر قطعا ولا يجوز معه الوضوء ، وغسل مس الميت له ثواب خاص ، ووجوبه من السنة ، وغير معلوم أنه يرفع الحدث الأصغر ، بل الشارح ـ رحمهالله ـ ادعى أن مسّ الميت ليس بحدث أصلا (١) ، ومع ذلك يجوز معه الوضوء ، بل ويجب الوضوء مع غسل الحيض ومعه أيضا.
فكيف يمكن أن يقال : جميع الأغسال الواجبة شخص واحد لا تعدد فيه أصلا ، وأنّ المكلف لا يثاب إلا بثواب شخص واحد؟ إذ لا شك في بطلانه إذ مع التداخل أيضا يثاب المكلف بثواب الأغسال التي كانت عليه.
ودعوى اتحاد الأغسال المستحبة أظهر فسادا منها ، وأظهر فسادا منهما دعوى اتحاد الواجب والمستحب سيما الواجبات والمستحبات.
وهذا أيضا ينافي استشكاله في صورتي التعيين وتفريقه بين صورتي التعيين وبين غيرهما ، بل يلزم منه عدم التفاوت أصلا بين من قصد امتثال جميع الأغسال وبين من لم يقصد امتثال الجميع ومن قصد عدم الامتثال بالنسبة إلى بعضها ، بل ومن بنى على العصيان بالنسبة إلى البعض ، فتأمّل.
__________________
(١) انظر مدارك الأحكام ١ : ١٦.