لصراحة كلامه ودليله في أنّه في خصوص غسل الجنابة.
قوله : فالحيض هو الدم. ( ١ : ٣١١ ).
لا يخفى أن دم الحيض ليس من الأمور التي بمحض اعتبار الشرع وإحداثه ، بل هو من الأمور العادية الواقعية ، مثل البول والغائط والمني ، خلقه الله تعالى في المرأة عند بلوغها أو بعده ، لأجل تكوّن الولد كالمني ، بل تكوّنه من الحيض أكثر منه بمراتب.
وشيء منه يصير لبنا وغذاء له ، وشيء منه يجتمع في الرحم حول الولد يصير حاميا له من ملاقاة المصادمات.
وهو يجتمع في الرحم شيئا فشيئا ، ثم تعتاد قذفه في كل شهر غالبا.
وله أقل معروف وأكثر معروف عند الأطباء أيضا ، وإن وقع الاختلاف بينهم.
وليس كل دم في المرأة فيه تلك الخواص ، أو خاصية واحدة منها. وفساده يداوي عند الأطباء ، ويحصل منه المفاسد ، وهو عيب يوجب الرد شرعا.
والشارع اعتبر له أحكاما كثيرة : منها ما ذكر في هذا الباب ، ومنها ما سيجيء في كتاب النكاح والطلاق ، مثل أنّه سبب براءة الرحم ، وموجب لانقضاء العدة إلى غير ذلك ، مثل ما سيجيء في مبحث النجاسات من عدم العفو عنه ، وفي باب الصيام والصلاة وغيرهما.
وكل لغة تعبر عنه بلفظ ، فالعرب بلفظ دم الطمث والقرء والحيض ، أما الأولان فلا شك فيهما ، وأمّا الأخير فبملاحظة العرف العام واللغة أيضا :
ففي المجمل : الحيض حيض المرأة (١). وفي المغرب : حاضت المرأة حيضا ومحيضا خرج الدم من رحمها (٢). وفي القاموس : حاضت المرأة
__________________
(١) المجمل ٢ : ١٢٧.
(٢) المغرب ١ : ١٤٥.