قوله : أنه لا إجمال. ( ١ : ٢٠٠ ).
لم يرد أنه بيان للغسل ، بل أراد أنه بيان للوضوء ، ولا شك في أنه مجمل في أعلى درجات الإجمال ، لأنه عبادة توقيفية ، ووظيفة الشارع بيانها ، لأنها كيفية استحدثها الشارع.
إلا أن يدعي الشارح أنه لم يقع التكليف بالوضوء إلاّ من قوله تعالى : ( إِذا قُمْتُمْ ). وإن ثبت بعض الأجزاء الأخر وبعض واجباته من دليل آخر ، مثل الترتيب والموالاة وغيرهما. لكن هذا محل نظر ، لأنّ الوضوء كان واجبا قبل نزول هذه الآية في أول بعثته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والآية نزلت في آخر عمره صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلا يمكن أن يدعى أن هذه الآية بيان للوضوء. مع أن البيان يستوفي جميع ما هو جزء وداخل في الكيفية ، والآية ليست كذلك.
وأيضا زرارة ونظراؤه كانوا من الفقهاء والعارفين بمدلول عبارات الآية ، فلو كان الأمر على ما ذكرت فلم كانوا يسألون عن وضوء رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أمير المؤمنين أو غيره من الأئمة عليهمالسلام ، ولم أجيبوا بالإتيان بجميع الواجبات دون المستحبات مثل المضمضة والاستنشاق وغيرهما؟! فتأمّل.
ومما ذكر ظهر أنّه يمكن الاستدلال على الوجوب أيضا بتوقف حصول الامتثال العرفي على الغسل من الأعلى ، وبأن شغل الذمة يقيني وهو مستصحب حتى يثبت خلافه وهو البراءة ، ولقوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين إلاّ بيقين مثله » (١) وقوله عليهالسلام « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » (٢).
__________________
(١) ورد مؤداه في التهذيب ١ : ٨ / ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.
(٢) جوامع الجامع ١ : ١٣ ، الوسائل ٢٧ : ١٦٧ أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٤٣.