الكر والأنصاب من فوق ، ومن ثم استشكل في جريان حكم الحمام في غيره ، ولعل نظر الشيخ علي أيضا إلى ذلك ، لا إلى اعتبار الزيادة عن الكر ، بل ليس نظره إليه قطعا ، إذ يريد الدفعة لا الزيادة.
وبالجملة : الأول عنده محل تأمّل وعند بعض الأصحاب ، والثاني وإن لم يتأمّل فيه لكن لا يكفي في الاعتراض عليهم ، وتصريحهم وإن لم يكن حجة بنفسه لكن لا محيص عن اعتباره بناء على ما اعترف من كون العموم محل نظر ، لأن الوفاق إنما تحقق فيه ، والماء محكوم بنجاسته شرعا ، ولا بد في طهارته من دليل شرعي ، فتأمّل جدا.
فإن قلت : لعل البالغ كرا يكفي للقول بالمزج وإن لم يعتبر فيه الدفعة ، بناء على ما ذكره من أن انفعال الطاهر ليس أولى من طهارة النجس ، فإنه جار في صورة المزج أيضا.
قلت : يكفي إذا كان الممزوج متصلا بما بقي ، لا مطلقا ، ومن أين يعلم اتصاله به ، ومع ذلك يكفي عند الشارح ـ رحمهالله ـ لا غير ، لأن الاكتفاء بالمزج من غير اعتبار الدفعة في خصوص المقام أول الكلام ، وسيجيء تمام الكلام عن قريب ، فتأمّل.
قوله : والإجماع المنقول. ( ١ : ٤٣ ).
ما يظهر من كلامه ليس الإجماع الاصطلاحي ، بل الإجماع على الرواية كما فهمه ، أو على كونها صحيحة كما فهمت ، مع أن ما ذكره المحقق يورث الريبة أيضا في ما ذكره.
مع أن قوله : ومعنى لم يحمل. ، لا يخلو من تأمّل ـ وإن صرح الجماعة ـ للتأمّل في حجية مثله. مع أن الانفعال بالملاقاة ليس شيئا يظهر فيه ، والتغير لا دخل للكر فيه ، كما مر. على أنه لا دخل له في المقام ، فلعل معنى لم يحمل لم يقبل ، وهو الأوفق بظاهر العبارة ، وما ورد في غير واحد من الأخبار أنه لا ينجسه شيء.