إذا سال دمها (١). وقال الجوهري : حاضت المرأة تحيض حيضا (٢).
والظاهر أن لفظ الطمث والقرء والحيض حقيقة في خروج هذا الدم عرفا ولغة ، أما العرف فغير خفي ، وأما اللغة فيظهر بالتأمّل في ما أشرنا وما ذكروا ، وإن كان أكثر اللغات مجازات ، فتأمّل.
وكيف كان فلا شك في أن الوارد في عبارة الشارع والفقهاء ليس إلاّ هذا المعنى. ولذا متى قال الشارع : لا تجامعوا الحائض ، والحائض لا تصلي ولا تصوم ولا تدخل المساجد والمسجدين ، إلى غير ذلك من الأحكام الكثيرة الصادرة عنه فيها ، كان الرواة والسامعون لهذه الأحكام يعرفون المراد من الحيض والحائض بلا تأمّل وريبة ، وما كانوا يسألون أبدا أن الحيض ما ذا؟ والحائض من هي؟ وأن الحيض بأي كيفية؟ كما كانوا لا يسألون عن المني والبول وغيرهما عند استماع الأحكام الواردة فيها بأن المراد من البول والمني مثلا ما ذا؟ وأنهما بأي شيء يتحققان أو يعرفان.
نعم ، ربما يحصل الاشتباه مثلا بسبب التعدي عن الأحكام المعهودة المعتادة أو غير ذلك ، فكانت النساء يسألن عن علاج الاشتباه شرعا فأجبن بما أجبن ، فكنّ يقلن : لو كان امرأة ما زاد على هذا ، أو يقلن : أفرأيت كان امرأة مرّة ، أو غير ذلك ، فهذه صريحة في أنهن كن عارفات بالحيض وصفاته ، فالصفات معتبرة في حالة الاشتباه كاعتبار صفات المني حالة الاشتباه ، والبول بالاستبراء وعدمه ، كما مرّ في الجنابة والبول ، فتأمّل.
ومما ينبه إلى ما أشرنا أن اليهود يعتزلون الحائض بالمرة ، والنصارى يباشرونهن ويجامعونهن ، والمجوس يفعلون ما هو المعهود منهم من ترك
__________________
(١) القاموس ٢ : ٣٤١.
(٢) الصحاح ٣ : ١٠٧٣.