قوله : والأظهر التداخل. ( ١ : ١٩٤ ).
الامتثال إذا تحقق في عبادة اقتضى استحقاق ثوابها والاستئهال له ، فإذا لم يكن مقصود المكلف الإتيان بتلك العبادة أصلا ولم يرد إطاعة الله فيها مطلقا بل وربما أعرض عنها صفحا كيف يكون مستحقا لثوابها؟ بل قد مرّ أن الامتثال في العبادات يتوقف على قصد التعيين والإطاعة ، وغير العبادة لا يتوقف ، ومن جملته الواجبات الشرطية التي ليست بعبادة ، وبعض الأغسال وإن كان شرطا للعبادة إلاّ أنه في نفسه عبادة.
فعلى هذا نقول : الغسل من حيث هو هو ليس بمستحب ، بل إنما استحب لفعل خاص أو زمان خاص أو مكان خاص عيّنه الشارع ، فلو لم يقصد سوى الغسل من حيث هو هو كيف يكون آتيا بالمستحب؟.
اللهمّ إلاّ أن ينوي الغسل الذي أراده الشارع أي بهذا العنوان ، وهذا على صور ثلاث : قصد العموم ، والخصوص ، ولا هذا ولا ذاك ، والأولى صحيحة مجزية للامتثال ، ومثلها قصد التداخل شرعا ، والثانية صحيحة بالنسبة إلى الخاص المعين دون غيره ، لعدم إرادة إتيانه وامتثاله ، أو لإرادة عدم إتيانه وإطاعته ، والثالثة صحتها لا تخلو عن الإشكال ، لاشتراط قصد التعيين في الامتثال ، كما قلنا.
ثم إن استحباب الغسل لفعل أو زمان أو مكان ورد في الأخبار على صورتين : الأولى : الأمر بفعله له ، وهذه حكمها مر. والثانية : افعل ذلك الفعل وأنت على غسل ، أو ذلك الفعل شرطه أن يكون مع الغسل ، وأمثال هذين ، وهذه يتحقق الامتثال فيها بتحقق الفعل مع الغسل مطلقا ، سواء قصد حين الاغتسال أم لا.
نعم ، لا بدّ أن يكون الغسل في نفسه متحققا بإحدى الصور الصحيحة التي أشرنا إليها ، مضافا إلى أن فاعل ذلك لا بدّ أن يكون عالما