لإمكان تغيّرها في ثاني الحال ، فيمكن تحقّق التمكّن في الحال من كلّ منهما في ثاني الحال.
( وانتفاء الفعل ليس فعل الضدّ ) جواب عن ثالث.
تقريره : أنّ القادر على وجود الشيء يكون قادرا على عدمه أيضا ، لكنّ القدرة على العدم باطلة ؛ لأنّه نفي محض لا يصلح أثرا للمؤثّر ، ولأنّه في الأصل أزليّ ولا شيء من الأزليّ بمتعلّق للقدرة بالمعنى المتنازع فيه.
وتقرير الجواب : أنّ متعلّق القدرة هو انتفاء الفعل وهو يتحقّق بأن لا يفعل الفعل ، لا بأن يفعل العدم والنفي.
وتفصيله : أنّ المستدلّ إن أراد بقوله : « إنّ القادر على وجود الشيء قادر على عدمه أيضا » أنّه قادر على فعل العدم ، فهو ممنوع ، ومفهوم القدرة لا يستلزمه. وإن أراد أنّه قادر على أن لا يفعل ، فهو مسلّم ، وبطلان اللازم ممنوع ؛ لأنّ انتفاء الفعل لا يستلزم فعل الضدّ حتّى يبطل بالوجهين ، والعدم الأزليّ مقدور بهذا المعنى أي بأن لا يفعل الفعل فيستمرّ العدم ، أو يفعله فيزول.
وأيضا العدم لا يصلح أثرا للوجود ، لكنّه أثر للعدم بمعنى الاستتباع ؛ فإنّ عدم المعلول يترتّب على عدم العلّة على ما مرّ سابقا ، وهاهنا عدم الفعل يترتّب على عدم المشيّة ، فهو أثر للقدرة بهذا المعنى.
هذا ، وأورد على الدليل أنّه إذا لم يكن العدم أثرا للغير ، يلزم أن يكون عدم الحوادث لذواتها ، فيلزم امتناعها حال عدمها وانقلابها حال وجودها ، وأن لا ينعدم شيء من الموجودات الممكنة ؛ لاستحالة انعدامها بالذات بالضرورة ، وبالغير أيضا ؛ لما ذكره ، وأن يكون الممكن القديم واجب الوجود لذاته ؛ إذ لا يجوز عدمها بالغير ؛ لما ذكره ، ولا بالذات ؛ لكونه ممكنا ، فيلزم تعدّد الواجب على الحكماء.
وقد يدفع هذا الأخير بأنّ عدم جواز العدم عليها ليس نظرا إلى ذواتها ، بل لكون العدم غير صالح للتأثير وهو خارج عن ماهيات الممكنات ، فلا يلزم وجوبها