يصدر عن غيره فيه ثمّ قبله قبول انفعال.
وقولنا : فيه ، يعتبر على وجهين : أحدهما أن يكون فيه عن غيره. والآخر أن يكون فيه لا عن غيره ، بل فيه من حيث يصدر عنه (١).
تعليق : الأوّل ـ تعالى ـ يعقل الأشياء والصور على أنّه مبدأ لتلك الصور الموجودة المعقولة ؛ فإنّها فائضة [ عنه ] (٢) مجرّدة غاية التجريد ليس فيه اختلاف صور مترتّبة متخالفة ، بل يعقلها بسيطة ومعا لا باختلاف ترتيب وليس يعقلها من خارج. وكما أنّ وجود الأوّل مباين لوجود الموجودات بأسرها ، فكذلك تعقّله مباين لتعقّل الموجودات ، وكذلك أحواله ، فلا يقاس حال من أحواله إلى حال ما سواه فهكذا يجب أن يعقل حتّى يسلم من التشبيه تعالى عن ذلك (٣).
تعليق : إضافة البارئ ـ عزّ اسمه ـ إلى هذه المعقولات إضافة محضة معقولة ، لا إضافة المادّة إلى الصورة ـ أي القابل ـ أو وجود الصورة في المادّة ، بل الإضافة له إليها وهي معقولة لا من حيث هي موجودة ؛ لأنّه يعقلها من ذاته لا من خارج ، ويعقل من ذاته أنّه مبدأ لها ، وإن كان تعقّلها من حيث هي موجودة يكون إمّا أن يكون لا يعقل ذاته ويكون مدرك الشيء عند وجوده ، أو لا يكون مبدأ لها وهذا محال ؛ فإنّه يعقل ذاته وإدراكه لها من حيث شأنها أن يفيض عنها كلّ موجود ، وهذا الإدراك للذات يوجب الإدراك للأمر اللازم لذاته ، وهو صدور المعقولات عنه (٤).
تعليق : القابل يعتبر فيه وجهان : أحدهما أن يكون يقبل شيئا من خارج ، فيكون ثمّة انفعال في هيولى تقبل ذلك الشيء الخارج. وقابل (٥) من ذاته لما هو في ذاته
__________________
(١) نفس المصدر : ١١٩ ـ ١٢٠.
(٢) الزيادة أضفناها من المصدر.
(٣) « التعليقات » : ١٢١.
(٤) نفس المصدر : ١٢٥.
(٥) هذا هو الوجه الثاني.