وهي تقتضي كون القادر مضافا إلى مقدور عليه ولا يتغيّر بتغيّر المضاف إليه ؛ فإنّ القادر على تحريك زيد لا يصير غير قادر في ذاته عند انعدام زيد ، ولكن يتغيّر إضافته تلك ؛ فإنّه حينئذ لا يكون قادرا على تحريك زيد وإن كان قادرا في ذاته.
والسبب في ذلك أنّ القدرة تستلزم الإضافة إلى أمر كلّيّ لزوما أوّليّا ذاتيّا ، وإلى الجزئيّات التي تقع تحت ذلك الكلّيّ لزوما ثانيا غير ذاتيّ ، بل بسبب ذلك الكلّيّ ، والأمر الكلّيّ الذي يتعلّق الصفة به لا يمكن أن يتغيّر ، فلأجل ذلك لا يتطرّق التغيّر إلى الصفة.
وأمّا الجزئيّات ، فقد تتغيّر ولتغيّرها يتغيّر الإضافات الجزئيّة العرضيّة المتعلّقة بها.
والثاني كالعلم ؛ فإنّه صورة متقرّرة في العالم تقتضيه الإضافة إلى معلومه ، ويتغيّر بتغيّر المعلوم ؛ فإنّ العالم بكون زيد في الدار يتغيّر علمه بخروجه عن الدار ؛ وذلك لأنّ العالم يستلزم الإضافة إلى معلومه المعيّن ، ولا يتعلّق بغير ذلك المعلوم بعين التعلّق الأوّل ، بخلاف القدرة ؛ فإنّ القدرة تتعلّق بالمقدور الكلّيّ أوّلا ، وبسببه بالمقدور الجزئيّ الذي يقع تحت ذلك الكلّيّ ثانيا. أمّا العلم ، فإنّه إذا تعلّق بالكلّيّ ، فلا يتعلّق بالجزئيّ الذي يقع تحت ذلك الكلّيّ البتّة إلاّ إذا استؤنف العلم وتجدّد وتعلّق بذلك الجزئيّ تعلّقا آخر ، مثلا العلم بأنّ الحيوان جسم لا يقتضي بانفراده العلم بكون الإنسان جسما ما لم يقترن إلى ذلك علم آخر هو العلم بكون الإنسان حيوانا فإذن العلم بكون الإنسان جسما علم مستأنف له إضافة مستأنفة وهيئة جديدة للنفس ، لها إضافة جديدة غير العلم بكون الحيوان جسما وغير هيئة تحقّق ذلك العلم.
ويلزم من ذلك أن يختلف حال الموصوف بالصفة التي تكون من هذا القسم باختلاف حال الإضافات المتعلّقة بها ، لا في الإضافات ، بل في نفس تلك الصفة (١).
__________________
(١) « الإشارات والتنبيهات مع الشرح » ٣ : ٣١١ ـ ٣١٤.