ثمّ بعد تمهيد ذلك قال ما محصّله : أنّ كلّ ما لا يكون موضوعا للتغيّر لا يجوز أن تتبدّل صفاته المتقرّرة المحضة ، ولا صفاته المتقرّرة المتعلّقة بالإضافة ، التي تتغيّر بتغيّر الإضافة ويجوز أن تتبدّل إضافاته اللازمة لصفاته المتقرّرة التي لا تتغيّر بتغيّر تلك الإضافات ، ولا محالة يكون ذلك في إضافات بعيدة لازمة لزوما ثانيا ، ولا يمكن أن يكون في إضافات قريبة لازمة لزوما أوّليا ؛ فإنّ التغيّر فيهما يقتضي التغيّر في نفس تلك الصفات ، وكذا يجوز أن يتبدّل إضافاته المحضة وهو ظاهر (١).
ثمّ قال : الواجب الوجود يجب أن لا يكون علمه بالجزئيّات علما زمانيّا حتّى يدخل فيه الآن والماضي والمستقبل ، فيعرض لصفة ذاته أن يتغيّر ، بل يجب أن يكون علمه بالجزئيّات على الوجه المقدّس العالي على الزمان والدهر (٢).
وقال في التعليقات : « العالم إنّما يصير مضافا إلى الشيء المعلوم بهيئة تحصل في ذاته ، وليس الحال في العالميّة كالحال في التيامن والتياسر الذي إذا تغيّر الأمر الذي كان متيامنا ومتياسرا ، ولم يتغيّر هيئة فيمن كانت له هذه الإضافة إلاّ نفس هذه الإضافة أعني التيامن ؛ فإنّ الإضافة قد تكون في المضاف والمضاف إليه كالعاشق والمعشوق ، والعلم والمعلوم ، وقد لا تكون بهيئة كالحال في التيامن ؛ فإنّ العلم يبطل ببطلان هيئة كانت الإضافة بينه وبين المعلوم بسببهما (٣) والتيامن لا يبطل منه هيئة ، ثمّ يبطل ببطلانه التيامن ، والإضافة بالحقيقة عارضة لتلك الهيئة التي في العالم والعاشق لا أنّ تلك الهيئة هي نفس الإضافة (٤).
ثمّ قال : فالعلم ليس هو وجود المعلوم في ذاته ؛ إذ ليس وجود الشيء في ذاته سببا لحصول العلم ، وإلاّ لم يكن علم بالمعدوم ، بل العلم وجود هيئة في ذات العالم ،
__________________
(١) « الإشارات والتنبيهات مع الشرح » ٣ : ٣١٤ ـ ٣١٥.
(٢) نفس المصدر.
(٣) في « شوارق الإلهام » : « نسبتها ».
(٤) « التعليقات » : ١٣.