وقال :
وجوه ناظرات يوم بدر |
|
إلى الرحمن يأتي بالفلاح |
أي منتظرات لإتيانه بالنصرة والفلاح.
وقال :
كلّ الخلائق ينظرون سجاله |
|
نظر الحجيج إلى طلوع هلال |
أي ينتظرون عطاياه انتظار الحجيج الهلال.
وأجيب عنها بأنّ انتظار النعمة غمّ ؛ ولذا قيل : الانتظار موت أحمر ، فلا يصحّ الإخبار به بشارة مع أنّ سوق الآية بشارة المؤمنين وبيان أنّهم يومئذ في غاية الفرح والسرور.
على أنّ كون إلى اسما بمعنى النعمة لو ثبت في اللغة ، فلا خفاء في بعده وغرابته وإخلاله بالفهم عند تعلّق النظر به ، ولهذا لم يحمل الآية عليه أحد من أئمّة التفسير في القرن الأوّل والثاني ، بل أجمعوا على خلافه.
وكون النظر الموصول بإلى سيّما المستند إلى الوجه بمعنى الانتظار ممّا لم يثبت عند الثقات ولم يدلّ عليه الأبيات ؛ لاحتمال أن يكون المعنى في الأوّل يرون بلالا (١) كما يرى الظمآن ماء وجده (٢) بعد الاشتياق. ولا يمتنع حمل النظر الوارد بلا صلة على الرؤية بطريق الحذف والإيصال ، إنّما الممتنع حمل الموصول بإلى على غيرها.
وفي الثاني أي ناظرات إلى جهة الله تعالى وهي العلوّ في العرف ، ولذلك يرفع إليه الأيدي في الدعاء ، أو ناظرات إلى آثاره من الضرب والطعن الصادرين من الملائكة التي أرسلها الله تعالى لنصرة المؤمنين يوم بدر.
وذكر بعض الرواة أنّ الرواية هكذا :
__________________
(١) في المصدر : « هلالا ».
(٢) في المصدر : « كما يرون الظماء ماء وجدوه ».