يسرقون زاد الفقراء ، أصاغرهم يتقدّمون على الكبراء ، كلّ جاهل عندهم خبير ، وكلّ عيّل عندهم فقير ، لا يميّزون بين المخلص والمرتاب ، ولا يعرفون الظانّ من الذابّ (١) ، علماؤهم شرار خلق الله على وجه الأرض ، ألا إنّهم يميلون إلى الفلسفة والتصوّف ، وأيم الله أنّهم من أهل العدوان والتحرّف ، يبالغون في حبّ مخالفينا ، ويضلّون شيعتنا وموالينا ، فإن نالوا منصبا لم يشبعوا من الرشاء ، وإن خذلوا عبدوا الله على الرياء ، ألا إنّهم قطّاع طريق المؤمنين ، والدعاة إلى نحلة الملحدين ، فمن أدركهم فليحذر ، وليصن نفسه وإيمانه ».
ثمّ قال عليهالسلام : « يا أبا هاشم! هذا ما حدّثني أبي عن آبائه عليهمالسلام عن جعفر بن محمّد عليهالسلام وهو من أسرارنا ، فاكتمه إلاّ عن أهله » (٢).
وعن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب أنّه قال : كنت مع الهادي عليّ بن محمّد عليهماالسلام في مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فأتاه جماعة من أصحابه عليهالسلام منهم أبو هاشم الجعفريّ ، وكان رجلا بليغا ، وكان له منزلة عظيمة عنده عليهالسلام ، ثمّ دخل المسجد جماعة من الصوفيّة ، وجلسوا في جانبه مستديرا ، وأخذوا بالتهليل ، فقال عليهالسلام : « لا تلتفتوا إلى هؤلاء الخدّاعين ؛ فإنّهم خلفاء الشياطين ، ومخرّبو قواعد الدين ، يتزهّدون لإراحة الأجسام ، ويتهجّدون لصيد الأنعام ، يتجوّعون عمرا حتّى يدبّحوا (٣) للإيكاف (٤) حمرا ، لا يهلّلون إلاّ لغرور الناس ، ولا يقلّلون الغذاء إلا لملء العساس (٥) ، واختلاس قلب الدفناس (٦) ، يكلّمون الناس بإملائهم في الحبّ ،
__________________
(١) في هامش « ز » : « الظاهر الصحيح : الضأن من الذئب ».
(٢) « حديقة الشيعة » : ٥٦٢.
(٣) يدبّحوا ـ بالدال المهملة ، والباء الموحّدة ، والحاء المهملة ـ من دبّح تدبيحا بمعنى قتب ظهره وطأطأ رأسه ، كما عن القاموس منه راجع مادّة ( د. ب. ح ) وفيه : « بسط » بدل « قتب ».
(٤) والإيكاف مصدر آكف الحمار أي شدّ عليه الإكاف وهو بالفارسيّة پالان خر. منه رحمهالله.
(٥) والعساس ـ بكسر المهملة ـ ككتاب : الأقداح. منه رحمهالله. وهو جمع العسّ بمعنى القدح.
(٦) والدفناس : البخيل ، والأحمق الدنيء. منه رحمهالله.