وذهب أبو عليّ الجبائي (١) إلى أنّه يجب دوام العوض ؛ لأنّه لو انقطع لوجب أن يوصل إليه عاجلا ؛ لأنّ المانع من الإيصال في الدنيا هو انقطاع الحياة (٢) المانع من دوامه وقد انتفى.
وردّه المصنّف بقوله : ( ولا يجب حصوله في الدنيا ؛ لاحتمال مصلحة التأخير ) يعني لا نسلّم أنّ المانع هو الدوام مع انقطاع الحياة المانع من دوامه ، بل لا يجب حصوله في الدنيا ؛ لاحتمال أن يكون لتأخيره مصلحة غير ظاهرة ، فالمانع هو انتفاء تلك المصلحة الخفيّة.
وقال أيضا : لو انقطع العوض ، لزم دوامه وجه اللزوم : أنّه لو انقطع العوض لتألّم بانقطاعه ، فيستدعي المتألّم عوضا ، فيجب أن يوصله ، فإن لم ينقطع لزم دوامه. وإن انقطع تألّم به واستدعى عوضا آخر وهلمّ جرّا ، فثبت أنّه لو انقطع وجب دوامه ، وما يؤدّي وجوده إلى العدم يكون محالا ، فالانقطاع محال.
وردّ المصنّف ذلك أيضا بقوله : ( والألم على القطع ممنوع ، مع أنّه غير محلّ النزاع ).
يعني أنّه لا نسلّم أنّه يتألّم بسبب انقطاع العوض ؛ إذ يجوز أن ينقطع من غير أن يشعر بانقطاعه ، فلا يتألّم به. مع أنّه غير محلّ النزاع ؛ فإنّ النزاع في العوض المستحقّ على الدوام ، لا في استلزام الألم الحاصل بالانقطاع لعوض آخر وهكذا دائما.
( ولا يجب إشعار صاحبه ) أي المستحقّ للعوض ( بإيصاله عوضا ) بخلاف الثواب ؛ فإنّه يجب أن يقارن التعظيم ، ولا يحصل التعظيم إلاّ بأن يشعر بأنّه ثواب له.
( ولا تتعيّن منافع ) لأن يكون عوضا ، بل يجوز أن يوصل عوضا كلّ ما يحصل
__________________
(١) نفس المصدر.
(٢) في المصدر و « أ » : « هو الدوام مع انقطاع الحياة ».