الأشياء ، فأشهدهم خلقها ، وأجرى طاعتهم عليها » (١).
وعن الرسول أنّه احتجّ على الدهريّة ، فقال : « ما دعاكم إلى القول بأنّ الأشياء لا بدء لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال؟ » فقالوا : لا نحكم إلاّ بما نشاهد ، ولم نجد للأشياء محدثا (٢) ، فحكمنا بأنّها لم تزل ، ولم نجد لها انقضاء وفناء ، فحكمنا بأنّها لا تزال.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « أفوجدتم لها قدما ، أم وجدتم لها بقاء أبدا؟ فإن قلتم : إنّكم وجدتم ذلك ، أثبتّم لأنفسكم أنّكم لم تزالوا على هيئتكم وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك ، ولئن قلتم هذا ، دفعتم العيان وكذّبكم العالمون الذين يشاهدونكم ».
قالوا : بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبدا ، قال : « أو لستم تشاهدون الليل والنهار وأحدهما بعد الآخر؟ » فقالوا : نعم ، فقال : « أترونهما لم يزالا ولا يزالان؟ » فقالوا : نعم ، فقال : « أفيجوز عندكم اجتماع الليل والنهار؟ » فقالوا : لا ، فقال صلىاللهعليهوآله : « فإذن ينقطع أحدهما عن الآخر ، فيسبق أحدهما ، فيكون الثاني جاريا بعده » قالوا : كذلك هو ، فقال : « قد حكمتم بحدوث ما تقدّم من ليل ونهار ولم تشاهدوهما ، فلا تنكروا لله قدرة ».
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : « أتقولون ما قبلكم من الليل والنهار متناه ، أم غير متناه؟ فإن قلتم : غير متناه ، فقد وصل إليكم آخر بلا نهاية لأوّله ، وإن قلتم : إنّه متناه ، فقد كان ولا شيء منهما » قالوا : نعم ، قال لهم : « أقلتم : إنّ العالم قديم ليس بمحدث وأنتم عارفون بمعنى ما أقررتم به وبمعنى ما جحدتموه؟ » قالوا : نعم ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « فهذا الذي نشاهده من الأشياء بعضها إلى بعض يفتقر ؛ لأنّه لا قوام للبعض إلاّ بما يتّصل به ألا ترون البناء محتاجا بعض أجزائه إلى بعض ، وإلاّ لم يتسق
__________________
(١) « الكافي » ١ : ٤٤١ باب مولد النبيّ ... ح ٥.
(٢) كذا في النسخ ، وفي بحار الأنوار : « حدثا ». والأولى : « حدوثا ».