ثمّ كان مساء ليلة الجمعة ، فخلق الله النور الزهراء (١) ، وفتح الله مائة باب رحمة في كلّ باب جزء من الرحمة ، وو كلّ بكلّ باب ألفا من الملائكة الرحمة ، وجعل رئيسهم كلّهم ميكائيل ، فجعل آخرها بابا لجميع الخلائق يتراحمون به بينهم.
ثمّ كان صباح يوم الجمعة ، فتح الله له أبواب السماء بالغيث ، وأهبّ الرياح ، وأنشأ السحاب ، وأرسل الملائكة الرحمة للأرض ، [ و ] أمر السحاب تمطر على الأرض ، وزهرت الأرض بنباتها ، وازدادت حسنا وبهجة وغشي الملائكة النور ، وسمّى الله يوم الجمعة لذلك يوم أزهر (٢) ويوم المزيد ، وقال الله : قد جعلت يوم الجمعة أكرم الأيّام كلّها وأحبّها إليّ.
ـ ثمّ ذكر شرحا جليلا بعد ذلك ، ثمّ قال ـ : إنّ الأرض عرّفها الله ـ عزّ وجلّ جلاله ـ أنّه يخلق منها خلقا ، فمنهم من يطيعه ، ومنهم من يعصيه ، فاقشعرّت الأرض واستعطفت الله ، وسألته أن لا يأخذ منها من يعصيه ويدخله النار ، وأنّ جبرئيل ـ عليهالسلام ـ أتاها ليأخذ منها طينة آدم عليهالسلام فسألته لعزّة الله أن لا يأخذ منها شيئا حتّى تتضرّع إلى الله تعالى ، وتضرّعت ، فأمره الله تعالى بالانصراف عنها.
فأمر الله ميكائيل عليهالسلام فاقشعرّت وتضرّعت وسألت ، فأمره الله بالانصراف عنها فأمر الله تعالى إسرافيل بذلك ، فاقشعرّ ، وسألت ، وتضرّعت ، فأمره الله تعالى بالانصراف عنها.
فأمر عزرائيل ، فاقشعرّت وتضرّعت ، فقال : قد أمرني ربّي بأمر أنا ماض له سرّك ذاك ، أم ساءك ، فقبض منها كما أمره الله ، ثمّ صعد بها إلى موقفه ، فقال الله عزّ وجلّ له : كما وليت (٣) قبضها من الأرض وهو (٤) كاره ، كذلك تلي قبض أرواح كلّ
__________________
(١) كذا في النسخ ، والأولى : « ملائكة الرحمة ».
(٢) من باب إضافة الموصوف إلى الصفة.
(٣) في « ب » : « ولّيت ».
(٤) كذا ، والأصحّ : « هي كارهة ».