العلم الكبير الأوّل كما انّ المعلوم نجاسته بالإجمال في العلم الصغير لا يقلّ عن المعلوم في العلم الكبير فيكون العلم المنجز هو الثاني ، أي يجب الاجتناب عن الأواني الخمسة فقط ولا يجب الاجتناب عن مجموع الأواني العشرة لأنّ العلم الكبير ينحلّ بسبب العلم الصغير ويبقى الصغير هو المنجز.
ونفس الشيء نقوله في مقامنا فإنّ العلم الكبير الذي أطرافه جميع الشبهات ينحلّ بالعلم الإجمالي الصغير في دائرة الأخبار لأنّ الشبهات التي وردت فيها أخبار هي بعض من تلك الشبهات في العلم الكبير ، كما وانّ المفروض انّ المعلوم بالإجمال في العلم الصغير لا يقلّ عن المعلوم بالإجمال بالكبير فينحل الكبير ويكون الصغير هو المنجز ، أي انّه يجب الاحتياط في دائرة الأخبار فقط لا في جميع الشبهات.
وبكلمة أوضح : كل شبهة دلّت رواية على حرمتها يجب فيها الاحتياط ، وأمّا الشبهات التي لا يوجد فيها خبر فلا يجب الاحتياط فيها ، وهذا هو المطلوب ؛ إذ المطلوب للاصولي هو إثبات إنّ كل شبهة يشكّ في حكمها ولم يدل خبر على حرمتها فلا يجب فيها الاحتياط بل تجري البراءة.
هذا حصيلة ما ذكره الآخوند وغيره.
ويمكن مناقشته بأنّ العلم الصغير ليس واحدا بل اثنان إذ كما نعلم بأنّ عشرة من أخبار الثقات صادق جزما كذلك نعلم بأنّ عشرا من الامارات غير المعتبرة كالشهرات وأخبار من لم يثبت توثيقهم صادق (١) فإنّا لا نحتمل كذب
__________________
(١) إذ العلماء مع شدّة دقّتهم وذكائهم وقوّة تقواهم فمن البعيد جدّا أن يكون الحكم المشتهر بينهم باطلا ومخالفا للواقع ، وهكذا لا نحتمل أنّ أخبار الرواة الذين لم يثبت توثيقهم باطلة ولا شيء منها مطابقا للواقع بالرغم من كونها تشكّل نصف مجموع الأخبار أو أكثر