والإرادة ، وواضح انّ الحبّ لا يزول بتحقّق المحبوب ، والإرادة لا تزول بتحقق المراد ، فنحن نحبّ الطعام وحبّنا له لا يزول بتناوله بل هو باق لكنّه لا يحرك نحو الأكل من جديد.
وممّا يدل على عدم زوال فعلية الحب بتحقّق الأكل إنّنا قد نقوم بعد تناول الوجبة الاولى بالإعداد للوجبة الثانية ، فلو لم يكن الحب فعليا بعد تناول الوجبة الاولى فلماذا التحرّك لإعداد الوجبة الثانية.
وبعد اتّضاح هذا نعود إلى الكتاب لنوضّح أين يجري أصل البراءة وأين يجري أصل الاشتغال.
إنّ مورد البراءة هو ما إذا كان الشكّ في أصل ثبوت التكليف ومورد أصالة الاشتغال هو ما إذا كان الشكّ في تحقيق امتثال التكليف بعد اليقين بثبوته ، فمن شكّ في ثبوت وجوب الدعاء عند رؤية الهلال جرت البراءة لنفيه ، امّا إذا تيقّن بوجوب ذلك وشكّ هل دعا عند رؤية الهلال أو لا كان الاشتغال ولزوم الاتيان هو المحكم في حقّه.
وهذا شيء واضح. ولكن هناك شبهة لعلّ أوّل من أثارها هو الشيخ العراقي قدسسره تقول : لماذا لا تجري البراءة في الحالة الثانية أيضا ـ أي حالة العلم بثبوت التكليف والشكّ في حصول الامتثال ـ بتقريب انّ المكلّف متى ما احتمل صدور الدعاء منه فقد احتمل عدم ثبوت التكليف ، ومن الواضح انّ الشكّ في ثبوت التكليف مجرى للبراءة.
وقد يتخلّص من ذلك بأنّ أدلّة البراءة التي تدل على ثبوت البراءة عند الشكّ في التكليف منصرفة عن حالة الشكّ في ثبوت التكليف الناشئ من احتمال الامتثال ومختصّة بحالة الشكّ في ثبوت التكليف الذي لم ينشأ من احتمال