دون كلا الطرفين وإنّما يتنجز الطرفان فيما إذا قيّد الواجب بقيد دار أمره بين فردين.
وبعد هذا يقع الكلام في الأمر الثاني ، وهو انّ الاصول العملية هل يمكن أن تشمل كلا الطرفين ـ ولازمه جواز المخالفة القطعية ـ أو لا؟
وقد أجاب المشهور (١) حسبما تقدّم في القسم الأوّل من هذه الحلقة ص ٥٦ بالنفي ، أي لا يمكن جريان الاصول في كلا الطرفين إذ لو جرى أصل البراءة عن وجوب الظهر وعن وجوب الجمعة لجاز تركهما ، وحيث انّ ذلك مخالفة قطعية ، والمخالفة القطعية قبيحة فلا يجوز أن تشمل الاصول كلا الطرفين لأنّ لازمه الترخيص في المعصية القبيحة. ومثل هذا المحذور يمكن أن يصطلح عليه بالمحذور الثبوتي.
وتقدّم الجواب عن ذلك وأنّه لا محذور ثبوتي في جريان الأصل في كلا الطرفين لأنّ العقل وإن كان يحكم بقبح المعصية وقبح المخالفة القطعية إلاّ أنّ حكمه هذا معلّق على ما إذا لم يرخّص الشارع نفسه بالمخالفة ولم يجوّز إجراء الأصل في كلا الطرفين وإلاّ فلا يصدق عنوان المخالفة والمعصية بترك الظهر والجمعة معا ، فإنّ صدق عنوان المعصية فرع أن يكون للمولى حقّ الإطاعة فإذا رخّص هو في ترك الطرفين لم يكن له حقّ الإطاعة حتّى يصدق على ترك الصلاتين عنوان المعصية.
إذن شمول الأصل لكلا الطرفين لا محذور فيه عقلا ولا يلزم منه محذور
__________________
(١) وعلى رأسهم الشيخ الأنصاري في الرسائل ص ٢٤١ السطر الأخير من الطبعة القديمة المحشّاة بحواشي رحمة الله