وهكذا الصياغة المذكورة لهذا الركن تتم على مسلك حق الطاعة القائل بان احتمال الحرمة في كل طرف هو منجز بقطع النظر عن العلم الإجمالي. انه بناء على هذا الرأي يلزم ـ لأجل أن يكون الاحتمال منجزا ـ تعارض الاصول في الأطراف ، إذ احتمال التكليف إنّما يكون منجزا عقلا فيما إذا لم يثبت الترخيص الشرعي في مخالفة الاحتمال ، فاذا ثبت الترخيص الشرعي بواسطة الأصل المؤمن الجاري بلا معارضة فلا يكون الاحتمال في كل طرف منجزا ولا تجب الموافقة القطعية بل يجوز ارتكاب الطرف الذي يجري فيه الأصل غير المعارض.
واما بناء على رأي الشيخ العراقي القائل بان العلم الإجمالي علة تامة فهي غير تامة لأنه بناء على المسلك المذكور يستحيل ـ كما تقدم ـ الترخيص حتى في الطرف الواحد ولا يجري الأصل ـ لأنّ المفروض أنّه علة بذاته لوجوب الموافقة القطعية ـ وهذه المنجزية السابقة تمنع من جريان الأصل حتى في الطرف الواحد وليس ثبوتها يتوقف على عدم جريان الأصل كما هو الحال على مسلك الاقتضاء.
وبكلمة اخرى : بناء على مسلك الميرزا نحتاج إلى اعدام المؤمن في الأطراف ، وهو لا يتم الاّ بالتعارض ، وهذا بخلافه على مسلك العراقي فانا وان كنّا بحاجة الى اعدام المؤمن ـ لاتفاق الكل على عدم كون العلم الإجمالي منجزا مع وجود المؤمن في بعض اطرافه ـ ولكن إعدامه لا يتوقف على تعارض الاصول بل نفس العلم الإجمالي بذاته يستلزم وبنحو العلية عدم جريان الأصل حتى في الطرف الواحد ولو لم يكن له معارض.
ومن هنا كان الشيخ العراقي بحاجة إلى طرح صياغة جديدة لهذا الركن يسقط فيها العلم الإجمالي عن المنجزية في المرتبة السابقة ليتاح للاصل الجريان