فلو فرض أنّ المكلّف فرغ من عمله ولكن لم تكن هناك قوّة في الكشف بأن فرض انّه حينما دخل في الصلاة كان غافلا بالمرّة وفجأة التفت إلى نفسه وهو يقول السلام عليكم فلا يكون فراغه كاشفا عن إتيانه بالوضوء.
ومن هنا اختار السيد الخوئي والشهيد عدم جريان قاعدة الفراغ في الموارد التي لا يكون فيها قوّة كشف كما لو كان المكلّف قاطعا بغفلته حين العمل وإنّما تجري في الموارد التي فيها قوّة كشف ، بأن يفرض أنّه كان محتملا للالتفات وعدم الغفلة حين الاتيان بالعمل.
وبعد أن اتّضح معنى الأصل المحرز وانّه عبارة عن مثل قاعدة الفراغ قد تسأل : هل الأصل المحرز حجّة في إثبات اللوازم غير الشرعية أو لا؟ كلا انّه ليس حجّة في ذلك لأنّ حجّية الأصل المحرز لم تنشأ من قوّة الكشف فقط حتّى يقال بأنّ قوّة الكشف عن شيء وعن لوازمه بدرجة واحدة بل عن قوة الكشف المنضمّ لها قوّة المنكشف ، ومن الواضح أنّ الدليل إنّما يصير حجّة في إثبات اللوازم غير الشرعية فيما إذا كانت حجّيته ناشئة من قوّة الكشف فقط.
ومن خلال هذا تتّضح النكتة في أنّه لماذا لا يثبت بقاعدة الفراغ عدم الحاجة إلى الوضوء بالنسبة إلى الصلاة الثانية؟ انّ النكتة هي انّ قاعدة الفراغ لا تثبت بها اللوازم غير الشرعية لأنّ حجّيتها لم تنشأ من قوة الكشف فقط ، ومن الجلي ان الإتيان بالوضوء ليس لازما شرعيا للفراغ من الصلاة ؛ إذ لا توجد آية ولا رواية تقول انّ من فرغ من صلاته فحتما قد أتى بالوضوء. وبكلمة اخرى : الوضوء وإن كان حكما شرعيا إلاّ أنّه حكم شرعي بمعنى أنّه لا يجوز الدخول في الصلاة بلا وضوء وليس حكما شرعيا بمعنى أنّ من فرغ من صلاته حكم عليه