سبحانه بتركه بينما لو لم ينه عنه لما أمكن للمكلف التقرب بتركه فالنهي عن تركه حينئذ يكون ذا فائدة وهي التقرب بتركه ولا يكون لغوا ومن قبيل تحصيل ما هو حاصل (١).
__________________
(١) البيان المذكور ناقص وبحاجة إلى توضيح. ويمكن في توضيحه ان يقال : ان محذور اللغوية يلزم في النواهي العرفية دون النواهي الشرعيّة ، فانّه في النواهي العرفية ـ كنهي الأب ولده عن التدخين ـ يكون المطلوب هو الترك ، فالترك هو النتيجة المطلوبة من وراء النهي ، فاذا كان الترك حاصلا من أي سبب كان فردع الولد عن التدخين يكون لغوا. وهذا بخلافه في النواهي الشرعية فان المطلوب من النهي عن السرقة مثلا ليس مجرد ترك السرقة حتى يقال انّه مع انصراف العبد عنه يكون النهي عن فعلها لغوا ، وإنّما المطلوب إيصال العبد إلى مدارج الكمال ، فإحكام الشريعة جميعا بما فى ذلك الأحكام التوصلية شرعت لتكميل العباد ، ومن الواضح ان الوصول إلى الكمال لا يحصل بمجرد الترك وإنّما يحصل فيما إذا كان الترك بداعي القربة والإمتثال ، قال الله عز وجل : ( وَما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) ، وبتجلي هذا يتجلي ان النهي عن الإناء الخارج عن محل الإبتلاء ليس لغوا إذ من دون النهي وإن كان الترك حاصلا إلاّ انه لا يمكن ان يحصل بداعي القربة بل حصول الترك بداعي القربة يتوقف على وجود النهي.
ان قلت : ان الإناء إذا كان خارجا عن محل الإبتلاء فتركه لا يمكن ان يكون بقصد القربة حتى مع وجود النهي إذ المكلف يترك الإناء من جهة خروجه عن محل الإبتلاء وليس من جهة وجود النهي.
قلت : ان هذا البيان يثبت وجود داعي آخر للترك ـ وهو الخروج عن الإبتلاء ـ غير داعي التقرب ولا ينفي وجود داعي التقرب ، فالمكلف يوجد له داعيان إلى الترك ، فهو يترك إناء السلطان لأجل عدم الإبتلاء حتى وإن لم يكن هناك نهي ، ويتركه لأجل النهي حتى وان لم يكن خارجا عن محل الإبتلاء.
وبعبارة اخرى كل من الخروج عن محل الإبتلاء والنهي داع مستقل للترك ، وقد تقرر في الفقه لدى بعض الفقهاء ان النهي إذا كان داعيا مستقلا تحقق التقرب وإن كان إلى جنبه ـ