في ثبوتها فأصل البراءة يقتضي نفيها كما اقتضى نفي الحيثية الإلزامية الثابتة على تقدير الوجوب التعييني. وبتعارض أصلي البراءة في نفي الحيثيتين يكون العلم الإجمالي منجزا ويلزم الإحتياط ، وذلك امّا بان يأتي المكلّف بالعتق فقط أو بالعتق بعد الإطعام.
والخلاصة : انّه اتضح انّ الحكم على المبنى الأوّل من المباني الثلاثة في حقيقة التخيير الشرعي هو تخير المكلّف في مقام العمل بين العتق والإطعام واستندنا في ذلك الى أنّ المكلّف لو أطعم فسوف يشك في وجوب العتق ، وأصل البراءة يقتضي نفي وجوب العتق المشكوك. إننا بأصل البراءة هذا نفينا الحيثية الإلزامية للوجوب التعييني ، والشيخ العراقي حاول ابراز الحيثية الإلزامية للوجوب التخييري ونفيها بأصل البراءة ليكون ذلك معارضا لأصل البراءة الأوّل (١).
هذا حصيلة ما أفاده العلم المذكور وهو وإن كان مطلبا لطيفا إلاّ أنّه قابل للمناقشة ، فإنّ الأصل الذي أبرزه لا يمكن أن يجري حتى يكون معارضا للأصل الأوّل ، فإنّ الأصل الذي ابرزه لو جرى لكان لازمه الترخيص في ترك الإطعام في حق من ترك العتق ، وهذا ترخيص في ارتكاب المخالفة القطعية ـ فان ترك الإطعام في حق التارك للعتق مخالفة قطعية ـ وواضح أنّ الأصل لا يجري للترخيص في ارتكاب المخالفة القطعية.
وهذا بخلاف الأصل الأوّل الذي تمسكنا به وهو البراءة عن وجوب العتق في حق من أطعم فإنّ أقصى ما يلزم من جريانه المخالفة الإحتمالية لا المخالفة
__________________
(١) والإلتفات الى هذا المطلب بحق التفات جميل وموضع للتقدير