والخيانة لا يحسن فعلها وأمثال ذلك. والمقصود من الحكم النظري الحكم الذي لا يرتبط بجانب العمل كالحكم باستحالة اجتماع النقيضين أو الدور أو التسلسل أو إمكان اجتماع المتخالفين وأمثال ذلك.
وبعد اتّضاح هذا نسأل : ما هي عدد أفراد الحكم النظري؟ أنّها كثيرة جدّا منها الأمثلة المتقدّمة. أمّا أفراد الحكم العملي فقد ذكر جماعة منهم الشيخ الأصفهاني أنّها منحصرة في قضيّتين هما : العدل حسن والظلم قبيح.
وقد تستغرب كيف نحصر الحكم العملي في هاتين القضيّتين والحال أنّ هناك قضايا كثيرة يمكن عدّها من الأحكام العقلية العملية كالحكم بأنّ الصدق حسن والأمانة حسنة والايثار حسن و ... والكذب قبيح والخيانة قبيحة ... وقد دفع الشيخ الأصفهاني ذلك بأنّ القضايا المذكورة مصاديق لتينك القضيتين ، فالعقل يحكم بأنّ الصدق حسن بما أنّه مصداق لقضية العدل حسن فإنّ العدل عبارة عن وضع الشيء في موضعه المناسب ، ومن الواضح الصدق هو شيء موضوع في موضعه المناسب والعقل حينما يحكم بحسنه لا يحكم بذلك بعنوان انّه صدق بل بما أنّه عدل ووضع للشيء في موضعه المناسب. وهكذا يقال في باقي القضايا المذكورة (١).
وباتّضاح هذه المقدّمة يقول الأصفهاني في دليله على قاعدة قبح العقاب : بأنّ القبيح بنظر العقل العملي شيء واحد وهو الظلم ، فلا بدّ وأن نحقّق هذه النقطة
__________________
(١) بل هناك دعوى تقرب من هذه الدعوى تقول أنّ حال الأحكام النظرية ذلك أيضا فهناك حكم نظري واحد ، وهو استحالة اجتماع وارتفاع النقيضين وجميع القضايا الاخرى ترجع إلى هذه القضية ، فالدور أو التسلسل مثلا مستحيل لأنّه يلزم منه اجتماع أو ارتفاع النقيضين