قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ ما آتاها ).
وتقريب الاستدلال ـ حسبما ذكر الشيخ الأعظم قدسسره في الرسائل ـ انّ كلمة « ما » في جملة « إلاّ ما آتاها » اسم موصول ، أي لا يكلّف الله نفسا إلاّ الذي آتاها. وما هو المقصود من اسم الموصول المذكور؟ إنّ في المقصود منه ثلاثة احتمالات : ـ
أ ـ المال. أي لا يكلّف الله نفسا بدفع مال إلاّ بالمقدار الذي آتاها ومكّنها منه. والقرينة على هذا الاحتمال هو المورد ؛ إذ مورد الآية وسياقها ناظر إلى المال وانّ انفاق المال لا يجب إلاّ بالمقدار الميسور.
ب ـ الفعل. أي لا يكلّف الله نفسا بفعل من الأفعال إلاّ مع القدرة على ذلك الفعل. والقرينة على هذا الاحتمال هو كلمة « يكلّف » فإنّ التكليف لا يتعلّق إلاّ بالأفعال.
وعلى هذين الاحتمالين لا ينتفع بالآية الكريمة في الاستدلال بها على البراءة لأنّها ناظرة إلى المال والفعل وأجنبية عن التكليف.
ج ـ التكليف. أي لا يكلّف الله نفسا بتكليف إلاّ إذا آتاها التكليف ، وواضح انّ إتياء كل شيء بحسبه ، وإيتاء التكليف عبارة عن إيصاله وأعلام المكلّف به. وبناء على هذا الاحتمال يتمّ الاستدلال بالآية الكريمة ؛ إذ يصير المعنى : انّ الله لا يكلّف نفسا بتكليف إلاّ إذا أعلمها بذلك التكليف فقبل الإعلام لا تكليف ، وهذا هو المطلوب.
ولكن كيف نثبت هذا الاحتمال الثالث في حين انّ بالإمكان إرادة أحد الاحتمالين الأولين الذين لا يتمّ الاستدلال بناء عليهما؟ ذكر الشيخ الأعظم انّه قد يتمسّك بالإطلاق بأن يقال إنّ مقتضى إطلاق اسم الموصول هو الشمول لجميع