ولكن كيف يكون اسم الموصول بناء على تفسيره بالتكليف مفعولا به لا مفعولا مطلقا؟ الجواب : انّ التكليف يستعمل بمعنيين فتارة يستعمل بمعنى المصدر ، أي كمصدر ليكلّف ، وبناء على هذا يصير التكليف مفعولا مطلقا حيث يصير المعنى : لا يكلّف الله تكليفا ، واخرى يستعمل بمعنى الحكم الشرعي أي الوجوب والحرمة ويصير المعنى : لا يكلّف الله (١) نفسا ولا يحمّلها حكما شرعيا إلاّ إذا آتاها ، وبناء عليه يصير اسم الموصول الذي هو بمعنى الحكم الشرعي مفعولا به لأنّه المتعلّق للتحميل. وكثيرا ما يستعمل العرف كلمة « الحكم الشرعي » مفعولا به حيث يقال هل كلّفت بحكم شرعي (٢) فيجعل الحكم الشرعي متعلّقا للتكليف والتحميل.
والشبهة نشأت من تفسير اسم الموصول بالتكليف وتفسير التكليف بنفس معنى يكلّف ، فإنّ معنى يكلّف هو التحميل فإذا فسّرنا التكليف بمعنى التحميل أيضا صار اسم الموصول مفعولا مطلقا ؛ إذ يصير المعنى : لا يحمّل الله نفسا إلاّ تحميلا آتاها ، ولكن هذا لا داعي له فإنّا نقول انّ المراد من يكلّف هو التحميل والإدانة ومن اسم الموصول هو الحكم الشرعي فيصير المعنى : لا يحمل الله نفسا إلاّ حكما شرعيا آتاها ، وبناء عليه لا يصير اسم الموصول مفعولا مطلقا لأنّ معناه يغاير معنى الفعل فمعنى الفعل هو التحميل بينما معنى اسم الموصول هو الحكم الشرعي ، وفي باب المفعول المطلق يشترط الاتحاد بين الفعل والمفعول من
__________________
(١) وكلمة « يكلّف » مشتقّة من الكلفة بمعنى التحميل والمسؤولية والإدانة
(٢) المراد من وقوع الحكم الشرعي مفعولا به هو وقوعه كذلك بحسب المعنى وإن كان بحسب الإعراب النحوي قد لا يعرب مفعولا به