وجوب الاحتياط. هذا ما افيد في الرسائل.
وتعليقا عليه نقول : لا بدّ من الالتفات إلى أنّ مقصود الآية الكريمة هل هو نفي السببيّة أو نفي المورديّة.
فإن كان مقصودها نفي السببية ـ بأن يكون المقصود : لا يعاقب الله سبحانه بسبب حرمة شرب التتن ما دامت غير معلومه ـ فما ذكره الشيخ الأعظم تامّ ؛ إذ الآية تنفي العقوبة بسبب الحرمة المجهولة وهذا لا يتنافى مع دليل الإخباري فإنّه ـ دليل الإخباري ـ يثبت العقوبة بسبب وجوب الاحتياط الذي هو وجوب معلوم ، فالعقوبة التي تنفيها الآية هي العقوبة بسبب الحرمة المجهولة بينما دليل الإخباري يثبت العقوبة بسبب وجوب الاحتياط الذي هو معلوم ، ونفي العقوبة من ناحية أحد سببين لا يتنافى وإثباتها من ناحية سبب ثاني.
وأمّا لو كان المقصود نفي المورديّة ـ أي كان المقصود : لا يعاقب الله سبحانه في مورد حرمة شرب التتن ما دامت مجهولة بل المكلّف مطلق العنان وله الحرية الكاملة في المورد المذكور ـ فما ذكره الشيخ الأعظم لا يكون تامّا لأنّ الآية تحكم على المكلّف بأنّه مطلق العنان في مورد شرب التتن ما دامت حرمته مجهولة وواضح أنّ دليل الإخباري لو تمّ فهو يحكم على المكلّف بالاحتياط ولزوم ترك التتن وعدم كونه مطلق العنان ، والتعارض حينئذ بين الآية ودليل الإخباري واضح.
وبعد أن عرفنا أنّ في المقصود من الآية الكريمة احتمالين يبقى علينا أن نعرف أنّ أي واحد من الاحتمالين أرجح؟ انّ الأرجح هو احتمال الموردية لأنّ ذلك هو المناسب لمورد الآية وسياقها فإنّ موردها هو المال على ما تقدّم (١) والمناسب
__________________
(١) بل والموردية هي المناسبة للفعل ـ الذي هو أحد المصاديق الثلاثة التي يشملها الإطلاق ـ