ولكن يبقى علينا أن نعرف أنّ دليل الإخباري على وجوب الاحتياط لو تمّ فهل هو مقدّم على الآية الكريمة أو لا؟ ان التعرّف على ذلك يتوقّف على التعرّف على مطلب وهو أنّه ماذا يراد من قوله تعالى : ( حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ ما يَتَّقُونَ ) فهل يراد حتّى يبيّن لهم حرمة الشيء بعنوانه الأولي أو المراد حتّى يبيّن لهم حرمة الشيء ولو بعنوانه الثانوي. وبكلمة اخرى هل المراد حتّى يبيّن لهم حرمة شرب التتن مثلا بعنوان شرب التتن (١) أو حتّى يبيّن لهم حرمة شرب التتن ولو بعنوان أنّه مجهول ومشتبه الحكم؟ فإن كان المراد هو الأوّل ـ أي أنّ الله لا يضلّ قوما لأجل حرمة شرب التتن مثلا حتّى يبيّن لهم بواسطة النصوص أن شرب التتن محرّم (٢) ـ فلا يكون دليل الإخباري مقدّما على الآية الكريمة بل تكون معارضة له. وأمّا لو كان المراد هو الثاني فدليل الإخباري هو المقدّم لأنّ مثل « قف عند الشبهة » يدلّ على أنّ شرب التتن يحرم ارتكابه لكونه مشتبها ومع بيان حرمته بعنوان أنّه مشتبه لا تجري البراءة فيه.
وبهذا ينتهي حديثنا عن الآيات الكريمة ونتكلّم بعد هذا عن الروايات المستدل بها على البراءة.
قوله ص ٣٥ س ٣ : في الاعتراضات العامّة : أي التي لا تختص بدليل دون
__________________
(١) العنوان الأولي لشرب التتن هو شرب التتن ، والعنوان الأولي لشرب الماء هو شرب الماء و ... أمّا عنوان مشكوك الحكم أو مشتبه الحكم ونحوهما فهو ثانوي
(٢) ويسمّى الحكم الناهي عن شرب التتن بعنوان شرب التتن بالحكم الواقعي وتكون مخالفته مخالفة واقعية بينما يسمّى الحكم الناهي عن عنوان المشتبه بالحكم الظاهري وتكون مخالفته مخالفة ظاهرية