حقيقة ، وان كان ربّما يترتب عليه آثار أخر غير ما نحن بصدده من بيان أحكامه في مقام العمل المحركة للمكلف اليه.
فان قلت : على ما ذكرت من التقسيم الثنائي يتداخل القسمان في الحكم ، من جهة كون بعض ما لا يحصل فيه القطع بالحكم الشرعي الفعلي بحكمه في وجوب الاتباع عقلا ، مثل الظن في زمان الانسداد بناء على الحكومة.
قلت : الفرق : انّ حكم العقل في القطع إنما هو بنحو التنجيز والعلية ، وفي الظن إنما هو بنحو الاقتضاء والتعليق بعدم المنع الشرعي.
نعم الأحسن في التقسيم الثنائي أن يقال هكذا : « المكلف : امّا أن يحصل له القطع بالحكم الفعلي وما بحكمه في بعض الآثار على بعض الوجوه كالظن المذكور فيتّبع عقلا ، أو لا ، فالمرجع الاصول العقلية » ليشمل قوله : « وما بحكمه الامارات الشرعية » بناء على ما ذهب اليه الاستاذ (١) قدسسره من كون المجعول فيها الحجية ، لا الحكم المماثل لمؤداها على ما هو المشهور. نعم بناء على تعميم متعلق القطع للأعم من الحكم التكليفي والوضعي فلا يحتاج الى الالحاق كما لا يخفى.
ثم انّ الظاهر من كلام شيخنا العلامة أعلى الله مقامه ـ بقرينة تثليث الاقسام باعتبار القطع والظن والشك بقوله : « فامّا ان يحصل له الشك فيه أو القطع أو الظن » ـ (٢) جعل المقسم هو الحكم الواقعي ، والامارات الشرعية من القسم الثاني ، والاصول من الثالث.
ولكنه أورد عليه الاستاذ : (٣)
أولا : بأنه يلزم اختلاف القطع مع الظن والشك في المتعلق من حيث لزوم أخذه فيه خصوص الحكم الفعلي ـ كي يترتب عليه آثاره من وجوب الاتباع عقلا
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣١٩.
(٢) فرائد الاصول ١ : ٢٥.
(٣) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد : ٢١ ، والطبعة الحجرية : ٢ السطر ١٤.