المفسدة فلما عرفت من عدم كونه مناطا للحكم ، وأمّا العقاب فللقطع بعدمه ، وأمّا التقبيح فكذلك للجهل بالعنوان المقبّح مع اعتبار العلم في موضوعه ؛ والحاصل : انّ المصالح والمفاسد في الأحكام ممّا ليست يحكم العقل بلزوم الفعل أو الترك من جهتها كما في غالب الموارد التي اطلع العقل عليها وفي غيرها أيضا كذلك غالبا بالتجريّات التي حصلت من العصاة مثلا وفي الموارد النادرة ممّا يحتمل أن يكون الضرر راجعا إلى شخص الفاعل الذي يكون ملاكا للحكم بنفسه ليس احتماله ممّا يعتني به العقلاء ، وحينئذ فليس الظن بالوجوب والحرمة مستتبعا إلاّ لاحتمال المصلحة والمفسدة غير المعتنى به عند العقلاء.
وحاصل الجواب يرجع إلى منع الصغرى من جهة غير العقاب أيضا فلا يثبت وجوب متابعة الظن عقلا.
ومن هنا ظهر : انّ منع الصغرى من غير جهة العقاب من جهة عدم الضرر في نفسه لا من جهة التدارك بمصلحة اخرى كما في كلام الشيخ قدسسره (١) ؛ ولو تنزّلنا وقلنا بالظن بالضرر فينتقض بالظنون غير المعتبرة من الظن القياسي ونحوه ممّا ليس بحجة وقامت الأمارة أو الأصل على خلافها فانّ في مخالفة تلك الظنون يظنّ بالضرر أيضا.
وما أجاب به الشيخ قدسسره في الفرائد (٢) من الالتزام بوجود مصلحة عالية يتدارك بها ما فات من المصلحة الواقعية أو وقع فيه من المفسدة الواقعية ، مدفوع :
بأنّ المصلحة لو كانت في متعلق الأمارة يلزم التصويب ونحوه من الاشكالات الواردة على جعل الحكم على خلاف الواقع ، وان كانت في غيرها فلا يكون ممّا يتدارك بها ضرر المخالفة لعدم كون كلّ منفعة عائدة ـ على تقدير
__________________
(١) فرائد الاصول ١ : ١٠٩.
(٢) فرائد الاصول ١ : ١٠٩.