مع انّه على تقدير صحة القياس يلزم منه الخلف ، لعدم اجتماع القطع بالحرمة الفعلية للعنوان الواقعي بنفسه ، مع الالتزام بتأكد حكمه بعنوان مقطوع الحرمة ، حيث انّ التصديق بالتأكد يوجب ارتفاع ذاك القطع كما لا يخفى.
فظهر مما ذكرنا انّ ما نحن فيه ـ مع حفظ القطع بالحكم الفعلي للعنوان الواقعي ـ من قبيل النهي في العبادات ، وليس من قبيل ما يمكن ارجاع الطلب في أحدهما الى عنوان مباين لعنوان الآخر بالعموم من وجه كما أرجع المحقق (١) رحمهالله النهي عن الصلاة في الحمام الى النهي عن الكون في معرض الرشاش ، لكون الموضوع فيما نحن فيه مقطوع الحرمة الفعلية ، ولا يتأتّى فيه التأويل إلاّ بالخلف.
الثالث : انّه لا يمكن الحكم المولوي الشرعي من جهة اخرى ، وهي :
انّه لا بد من غرض محرك للمولى لأن يحكم مولويا ، وليس ذا في الاوامر والنواهي المولوية إلاّ إحداث الداعي للعبد الى الاطاعة وترك المعصية ، بحيث لولاه لما كان في نفسه ما يدعوه اليهما ؛ ويختلف ذلك باختلاف درجات العبد فيكون الداعي لبعضهم هو الخوف عن العقوبة ، ولبعضهم هو الرجاء الى المثوبة ، وللآخرين محض التقرب الى الله تعالى ، ومع انتفاء الجميع ـ كما في الامر بالاطاعة والنهي عن المعصية ـ لا يبقى ملاك الحكم المولوي أصلا ؛ ومن المعلوم حصول هذا الداعي في نفس القاطع بمجرد قطعه بالحكم الفعلي بعنوانه الواقعي ولو كان مخالفا للواقع ، فيكون الامر والنهي المولوي لإحداث الداعي بالنسبة اليه تحصيلا للحاصل ، وبدونه عبثا.
ومن الواضح انّ التجري والانقياد بابهما باب الاطاعة والمعصية ، بل عينهما بنظر القاطع ، فحينئذ :
فان كانت الاطاعة بالحكم بالعنوان الواقعي في نظر القاطع [ انقيادا ] (٢)
__________________
(١) المعتبر في شرح المختصر ١ : ٤٣٤.
(٢) في الاصل ( انفادا ).