تارة تكون حكمية ، كأن يكون الشك في تعلق الوجوب بخصوص عنوان أحد الشيئين الذين علم تعلقه بواحد منهما اجمالا أو في تعلق الحرمة كذلك أو في تعلق الوجوب بشيء أو الحرمة بشيء آخر ، من جهة عدم الدليل على التعين أو من جهة فقدان النص أو من جهة تعارض النصين.
وتارة تكون موضوعية ناشئة من اشتباه الواجب أو الحرام بغيره من جهة العوارض الخارجية ، فعلى الأول فالظاهر جريان أدلة البراءة وشمولها لأطراف العلم الاجمالي بلا تناف وتعارض بين الغاية المذكورة فيها وبين المغيّا.
بيانه : انّه لا بدّ أن تكون الغاية المذكورة فيها هي العلم بخصوص عنوان أو شخص تعلق به الشك لا بعنوان أو شخص آخر وإلاّ لم يكن العلم بشيء غاية للشك في شيء آخر كما هو واضح.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انّه لا قصور في دلالة كل واحد من أخبار البراءة ، لشموله لأطراف العلم الاجمالي في الشبهات الحكمية ، كما لو علم بحرمة واحد من شرب النبيذ وشرب العصير.
امّا مثل قوله حديث الرفع والحجب والسعة فلعدم العلم بحرمة خصوص شرب النبيذ ولا خصوص العصير ؛ والمعلوم بالاجمال المعيّن واقعا غير المعيّن ظاهرا غير معلوم الانطباق على كل من العنوانين بخصوصه حتى يخرجه عن الشك فبعد ، فإذا كان كل من الخصوصيتين مشكوك الحرمة يكون كل واحد مرفوع الحكم بخصوصه ويكون كل من هذه الروايات مانعا عن تأثير العلم الاجمالي.
وامّا مثل قوله : « كل شيء لك حلال حتى تعرف انّه حرام » (١) فكذلك ، حيث انّ
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٢ : ٦٠ الباب ٤ من ابواب ما يكتسب به ، الحديث ٤ باختلاف.