العقل بعدم لزوم الاحتياط في الثاني ، لا من جهة عدم اعتنائه باحتمال العقاب إذا كان بين محتملات كثيرة كما يظهر من شيخنا العلاّمة أعلى الله مقامه في الفرائد (١) في الوجه الخامس من وجوه الاستدلال على عدم لزوم الاحتياط في الشبهة غير المحصورة قياسا على الضرر الدنيوي المشتبه بين أطراف غير محصورة لوضوح حكم العقل بلزوم دفع احتمال الضرر الاخروي وان كان مشتبها بين أطراف كثيرة وان لم يحكم بدفع احتمال الضرر الدنيوي إذا كان كذلك ، بل الوجه في حكمه بعدم لزوم الاحتياط في غير المحصورة استقلاله بقبح العقاب على التكليف المعلوم وأمنه منه ، وإلاّ فمع عدم استقلاله بقبحه امّا في مطلق الشبهات غير المحصورة أو في بعض مصاديقها إذا لم تكن أطرافه كثيرة غاية الكثرة أو في المصاديق المشكوكة الاندراج في المحصورة أو في غيرها فلا بدّ من الاحتياط ، سواء كان استقل بصحة العقاب أم لا بل كان متوقفا ، لعدم جريان البراءة حينئذ ، لأنّ ملاكه الأمن القطعي من العقوبة ، وبمجرد عدم أمنه القطعي فتنتفي البراءة بلا حاجة الى كبرى دفع الضرر المحتمل وهو تقبيح العقلاء بارتكاب الضرر المحتمل والزامهم بدفعه لما عرفت سابقا من انّ الوقوع في الضرر المحتمل يدور مدار واقعه لو كان وان لم يحكم العقلاء بتقبيح ارتكابه وانّه لولاه واقعا لم يحصل الوقوع فيه وان كان حكمهم متحققا وانّ ملاك البراءة هو الأمن القطعي لا حكم العقلاء بعدم لزوم الاحتياط.
ثم انّه قد يتوهم الاشكال في توقف العقل عن الحكم بصحة العقاب أو قبحه ، مع انّ الحسن والقبح من الامور الوجدانية التي كانت من الأحكام العقلية ولا معنى للشك في حكمه.
__________________
(١) فرائد الاصول ٢ : ٢٦٣.