وبعبارة اخرى : يكون واجبا للمصلحة في غيره لا لوجوب غيره ، فيفترق عن الوجوب الغيري المقدمي في المقدمة ، لكون وجوبها ناشئا عن وجوب ذي المقدمة فلا يكون واجبا قبل وجوبه ، وفيما نحن فيه كان التعلم واجبا قبل التكاليف المشروطة. نعم لو حصل شرطها وصارت مطلقة يكون التعلم مقدمة وجودية بالنسبة إليها فيكون واجبا غيريا حينئذ ويسقط وجوبه النفسي حينئذ ، لحصول الغرض منه وهو التهيؤ للتكليف ولو من غير هذه الجهة بالتفات وعلم اجمالي ونحوهما ، نظير مطلق الواجبات التوصلية فانّها بعد حصول الغرض منها يسقط وجوبها كما هو واضح.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انّ العقاب على ترك الواجبات بترك التعلم يكون واحدا دائما ، غاية الأمر يكون ذاك العقاب بنفس ترك التعلم فيما لم يحصل شرط الوجوب وبقيت التكاليف في الاشتراط حتى فات وقتها بسبب ترك التعلم والتهيؤ بسوء الاختيار ؛ وبترك نفس الواجبات فيما صارت مطلقة بحصول شرطها والتهيؤ لها بغير جهة التعلم ، ولا يكون حينئذ على ترك التعلم ، لكونه واجبا غيريا مقدميا ولا عقاب على ترك المقدمات وان كان ترك ذيها مستندا إلى تركها.
فلا يتوهم ، بناء على ما ذكرنا من كون التعلم واجبا نفسيا : تعدد العقاب في ترك الواجبات المطلقة بالنسبة إلى الجاهل ، الأخذ بالبراءة قبل الفحص.
ثم انّه لا اشكال فيما ذكرنا إلاّ ما يدعى من كون الأخبار ظاهرة في كون التعلّم واجبا غيريا وانّ العقاب على ترك نفس التكاليف.
ولكنه لا يخفى انّ الأخبار وان كانت ظاهرة في انّ وجوب التعلم من جهة التكاليف ولمصالحها إلاّ انّه أعم من أن يكون للوجوب الناشئ من ايجابها ، فيكون واجبا غيريا ومقدميا كما عليه المشهور وان يكون واجبا لمصلحة في غيره