الظاهري يتدارك به ما فات منه بترك الواقع أو عن حصول مقدار من الغرض به بحيث يكون الباقي منه بعده مما لا يمكن تداركه على حدة كما حقق مثل ذلك في مسألة القصر والاتمام في توجيه وكفاية أحدهما عن الآخر ولو عن تقصير ، أو مما ليس بلازم الاستيفاء بعد تحصيل ذاك المقدار بالمأمور به الظاهري ، وليس ذلك من التصرف في الغرض بنفسه بوجه ، كما يلزم ذلك في المقام بلا توسيط جعل بدل أصلا كما لا يخفى.
والحاصل : أنّه ظهر مما ذكرنا انّه لا مجال للتمسك بالبراءة عقلا ولا نقلا لنفي ما شكّ في دخله في الغرض بناء على التحقيق من تبعية الأوامر والنواهي للغرض ولو عند الأشعري (١) ، فالمحكّم هو ما ذكرنا ولو ايضا عندهم ، غاية الأمر أنّهم لا يقولون بالحسن والقبح الذاتيين (٢) ولكن لا ينكرون الغرض في الأمر.
وظهر أيضا عدم مجال للتمسك بنفس المشكوك باطلاق الأوامر ، لأنّه إنّما يصح التمسك بالاطلاق فيما أمكن التقييد لا فيما لا بدّ من الاطلاق ولو على تقدير دخل المشكوك واقعا كما هو واضح ؛ فلا مجال للمقام إلاّ التمسك بالاشتغال وايجاب الاحتياط عقلا.
نعم يمكن أن يقال : انّ ما يشك دخله في الغرض لو كان مما يغفل عنه غالبا ولا يلتفت إليه إلاّ الأوحدي من أهل التدقيق في بعض الأحيان ولم يكن عنه مع
__________________
(١) لكن اكثرهم يقول بعدم التبعية ، راجع : شرح المقاصد ٤ : ٢٩٦ المبحث الخامس ؛ الاحكام في اصول الاحكام ٣ : ١٢٤ المسألة الرابعة ؛ شرح المواقف ٨ : ٢٠٢ المرصد السادس في افعاله تعالى ، المقصد الثامن. نعم يقول بالتبعية بعضهم وذلك على نحو الموجبة الجزئية ، راجع : شرح المواقف ٨ : ٢٠٢ قوله : « وقالت الفقهاء لا يجب ذلك لكن افعاله تابعة لمصالح العباد تفضلا واحسانا » ؛ شرح المقاصد ٤ : ٣٠٢ « والحق ان تعليل بعض الافعال الخ ».
(٢) المستصفى ١ : ٥٩ ـ ٦٠ القطب الاول / الفن الاول / المسألة الاولى ؛ المنخول : ٨ ـ ٩ ؛ المحصول ١ : ٣٥ و ١ : ٤٨ الفصل السابع ؛ الاحكام في اصول الاحكام ١ : ٧٢ القسم الثالث في المبادئ الفقهية والاحكام الشرعية / الاصل الاول / المسألة الاولى ؛ شرح المواقف ٨ : ١٨١ المرصد السادس في افعاله تعالى / المقصد الخامس في الحسن والقبح ؛ شرح المقاصد ٤ : ٢٨٢ المبحث الثالث.