مبرمة ولو كان ابرامه واستحكامه لأجل اتصال اجزائه بعضها إلى بعض وفتلها كما في قوله تعالى : ( كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها ). (١) ومنه ظهر : عدم اعتبار الهيئة الاتصالية في معناه بل المعتبر هو الاستحكام الحاصل من قبل اجزاء الشيء ، ونقض ذاك الشيء عبارة عن : تفاسخ اجزائه ، ثم يستعار في الامور غير المحسوسة لما كان له تشدد واستحكام واتقان اعتبارا ، فيكون حلّ ذاك الشيء وانحلاله نقضا له كما في قوله تعالى : ( يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ ) (٢) حيث انّ العهد له تشدد اعتبارا بحيث يكون فسخه وحلّه نقضا له ؛ وكاليقين في المقام حيث انّه لمّا كان من الاعتقاد الجازم فكان له نحو تشدد وابرام ويكون انحلاله بالشك العارض بعده انتقاضا له.
الثانية : انّ الهيئة فيما نحن فيه الظاهرة في طلب النهي عن النقض سواء تعلقت بالمتيقن أو بنفس اليقين لم يكن اختياريا للمكلف.
امّا على الأول : فلوضوح انّ المستصحب المتيقن : لو كان من الموضوعات الخارجية فيدور بقاؤها وانتقاضها مدار واقعها ، وليس كل منهما بيد المكلف واختياره ؛ ولو كان من الأحكام الشرعية فيدور مدار جعل الشارع واقعا ، وليس بيد المكلف أيضا اختياره.
وامّا على الثاني : فلأنّ اليقين في قاعدة اليقين كان منتقضا من دون اختيار المكلف ، وفي الاستصحاب كان اليقين الأول المتعلق بالحدوث باقيا بحاله وغير منتقض أصلا من دون اختيار من المكلف فيه أيضا.
فحينئذ ظهر مما ذكرنا : انّ النقض سواء تعلق بالمتيقن أو باليقين لم يكن اختياريا للمكلف ، ولا بدّ في تعلقه بكل واحد منهما من ارادة عدم النقض تعبدا ، فيرجع إلى انشاء من الشارع آثارا شرعية في حال الشك كانت مماثلة للآثار التي
__________________
(١) سورة النحل : ٩٢.
(٢) سورة البقرة : ٢٧.