كانت في حال اليقين سواء كانت تلك الآثار للمتيقن فيما كان من الموضوعات أو كانت نفسه فيما كان من الأحكام.
الثالثة : انّ اليقين لمّا كان له جهتان : نفسية ، ومرآتية ، فيصح : أن يطلق تارة ويراد به نفسه بما هو ، ويطلق اخرى ويراد به معناه بما هو مرآة المتيقن ومرائيا له ويجعل كناية عنه ويكون المهمّ ترتيب آثار المتيقن بنحو الكناية وما دام إليها سبيل ، فلا داعي إلى المجاز فيما كان المراد منه آثار المتيقن عملا بأصالة الحقيقة والطريق الأبلغ في باب كشف المقاصد بنحو الكنايات.
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم : انّ جعل صحة النقض إلى المتيقن باعتبار ما جعل كناية عنه وقالبا مرآتيا له وهو اليقين بلحاظ اشتماله على نحو من التشدد والتأكد لمعناه اللغوي وهو « الابرام » أولى مما ذكره قدسسره من جعل متعلقه أمرا مستمرا باعتبار المقتضي ، لما عرفت من معناه اللغوي ومناسبته لما ذكرنا لا لما ذكره قدسسره ، ولذلك لا يصح استعماله في رفع الحجر من مكانه ولو فيما كان له مقتضي الثبوت والبقاء فيه ؛ ومن المعلوم عدم التفاوت فيما ذكرنا من صحة الاستناد باعتبار لفظ « اليقين » بين إسناده إلى ما كان الشك فيه في الرافع كما يقال : لا تنقض اليقين بالوضوء بالشك في المزيل ، وبين إسناده إلى ما كان الشك فيه في المقتضي كما يقال : لا تنقض اليقين بالتيمم بالشك في وجدان الماء فلا وجه بناء عليه من رفع اليد عن ظهور اليقين والشك في الرواية في العموم ، حيث انّ المتيقن في كل منهما أمر مبرم باعتبار تعلق اليقين به ويكون الشك فيه فسخا وانحلالا له فيصح أن يقال : لا تنقض اليقين بالشك ، فلا وجه لاختصاصه بالشك في الرافع مع اشتراك الشك في المقتضي معه في مناط صحة الاسناد بلحاظ اليقين وعدم كفاية ثبوت المقتضي في الشك في الرافع فيها ، لما عرفت من معناه اللغوي.
لا يقال : إذا جعل اليقين كناية ومرآة للمتيقن وفانيا أي غير ملتفت إليه