من الموارد المؤدّية إلى العلم التفصيلي بالحكم مع لزوم مخالفته كذلك.
فان قام (١) إجماع على جواز المخالفة أو نصّ قاطع عليها كذلك مع ما عرفت من عدم قابلية حكم العقل بوجوب اتّباع القطع التفصيلي فلا بدّ من التصرّف في إحدى المقدّمات المؤدّية إليه بوجوه من التصرفات كلّ في مورد خاصّ من مثل أن يقال بالتخصيص في عموم كون ثمن الميتة سحتا ، والحكم بجواز بيعه في صورة الاشتباه ، والحكم بملكية ثمنه حيث انّ الملكية قابلية للجعل من قبل الشارع.
وكذا الحال في مسألة الودعي والتداعي فانّه يخصص عموم حرمة مال الناس لغيرهم وعدم ملكيته لهم بصورة الاشتباه ؛ ومثل ان يقال في مسألة الائتمام :
بعدم مانعية الحدث إلاّ أن يعلم بصدوره من شخص خاص ، أو بمنع شرطية صحة صلاة الإمام لصلاة المأموم ، بل الشرط مجرد إحراز المأموم انّ الإمام يصلي على نحو لا يخلّ بما يجب عليه ظاهرا ولو ظهر بعد ذلك خلافه ، إلى غير ذلك من التصرفات. والحاصل : انّه بعد التصرف في احدى المقدمات المؤدية إلى القطع من العمومات والاطلاقات فلا علم تفصيلي يلزم مخالفته.
وأمّا ان لم يقم اجماع أو نص على جواز المخالفة فيتبع العمومات ويجتنب مخالفة العلم التفصيلي الناشئ منها كما لا يخفى.
هذا كله بحسب ما يتراءى من لزوم مخالفة العلم التفصيلي الناشئ من العلم الاجمالي في تلك الموارد ، وقد عرفت عدم لزومه أصلا.
وأمّا الكلام في حرمة مخالفة العلم الاجمالي بالتكليف بنفسه بدون أن ينشأ منه العلم التفصيلي وعدمها ، وبعبارة اخرى : في وجوب موافقته وعدمه ، فامّا الموافقة الالتزامية فقد عرفت عدم لزومها في العلم التفصيلي فكيف في العلم الاجمالي ، وأمّا الموافقة العملية فقد عرفت انّ العلم الإجمالي يقتضيها لو لا
__________________
(١) هذا وشقه الآخر الآتي بقوله : « واما ان لم يقم اجماع » جواب لقوله : « فما يتراءى » قبل عدة سطور.