فيها إلى انشاء آثار لها مماثل لآثارها السابقة وفي الأحكام يرجع إلى انشاء المماثل لنفس المستصحب فيما كان الموضوع باقيا عرفا وان لم يكن باقيا دقة.
فما حكي عن المحقق الخوانساري رحمهالله (١) من انكار الاستصحاب في الامور الخارجية تخيلا منه انّها ليست بقابله للجعل أو احتياج شمول الأخبار لها إلى التقدير ، وعن الأخباريين (٢) من الانكار في الأحكام الكلية تخيلا منهم باختلاف الموضوع دقة ، لا وجه له كما لا يخفى.
ثم انّه لا فرق أيضا بين كون المستصحب من الأحكام التكليفية وبين كونه من الأحكام الوضعية بلا تفاوت على التحقيق بين كون الأحكام الوضعية قابلة للجعل ابتداء أو لا ، بل كانت منتزعة من الأحكام التكليفية ، غاية الأمر بناء على الأخير فان كان التكليف المنتزع منه أولا مما يشك في بقائه ولم يعلم بارتفاعه فيجري فيه الاستصحاب وبتبع جعله يجعل الوضع أيضا. وامّا ان علم بارتفاعه ولكنه يشك في حدوث أثر شرعي آخر يكون بقاء الوضع بتبع حدوثه فيستصحب الوضع ويستكشف بالإن جعل الأثر الحادث.
لا يقال : انّ استصحاب عدم الأثر الحادث حاكم على استصحاب الوضع لكونه من لوازمه المنتزعة منه.
لأنّا نقول : انّه كذلك في مقام الثبوت ولكنه بحسب لسان الدليل الشرعي بالعكس ، فانّ الأثر الشرعي مترتب في الدليل على الوضع فمن هذه الجهة يكون الشك فيه مسبّبا عن الشك في الوضع فيكون استصحابه مقدّما على استصحابه. ومنه يظهر انّ استصحاب الوضع مقدم على استصحاب التكليف ولو كان مما له حالة سابقة كما لا يخفى.
__________________
(١) مشارق الشموس : ٧٦ السطر ١١.
(٢) الرسائل الاصولية : ٤٢٥.