وان كان الجعل التكويني موجبا لذلك كما هو واضح.
الثالث : انّ محل النزاع إنّما هو فيما إذا لم يرد من خطاب جعل السببية الايجاب أو التحريم مثلا مجازا أو كناية بل نفس السببية لهما ، وإلاّ فيرجع إلى جعل التكليف كما هو واضح.
الرابع : انّ الوجوب والايجاب في التشريع كالوجود والايجاد في التكوين متحدان ذاتا ومتغايران اعتبارا بحيث لا ينفك أحدهما عن الآخر كما هو واضح.
إذا عرفت ذلك فنقول :
انّ مغيّا سببية شيء للتكليف اشتماله على خصوصية موافقة لغرض المكلّف يكون لحاظ اشتماله عليها. وبعبارة اخرى : يكون ذاك الشيء بوجوده الذهني داعيا إلى التكليف وباعثا عليه كما في جميع العلل الغائية. فحينئذ لو كان ذلك الشيء الذي انشئت له السببية مشتملا ذاتا على ما يوافق الغرض فكانت سببيته ذاتية لا مجعولة ، وإلاّ فان اريد من انشائها جعل التكليف مجازا أو كناية فلا جعل لها أيضا وبدونهما فان كان انشاء السببية موجبا لايجاد خصوصية في ذلك الشيء بعد ان لم يكن مشتملا عليها فانقلب الجعل التشريعي إلى التكويني ، وبدون تحققها فكيف يتحقق الايجاب والتحريم اللذان كانا من الأفعال الاختيارية التي قد عرفت عدم تحققها من دون غرض باعث إليها؟ وبدونهما فكيف يتحقق الوجوب والحرمة اللذان قد عرفت عدم انفكاكهما عنهما؟
فان قلت : انّ انشاء السببية للدلوك وان لم يوجب تحقق الغرض الباعث على الايجاب والتحريم إلاّ أنّه يكفي في تحقق الوجوب عنده بلا فعل آخر حين تحققه.
قلت : انّ الوجوب الحقيقي بحيث يصدق عليه بالحمل الشائع لا يتحقق بدون الإرادة والطلب الحقيقي للفعل ، وحينئذ فان كان ذاك الانشاء موجبا لتحقّق