آخرا ، يكون إثبات الحكم فيه بالاستصحاب من قبيل اسراء حكم موضوع إلى موضوع آخر به وهو باطل ، بل يشكل استصحاب الحكم فيما كان موضوعه عمل المكلف ولو فيما لم يقيّد بحسب الدليل بالزمان لأنّ تشخص الأفعال يختلف باختلاف المشخصات ومنها الزمان ، لوضوح انّ الفعل الواقع في زمان غير الفعل الواقع في زمان آخر ، وباختلاف المشخصات يختلف الفعل بل تختلف المصلحة والمفسدة اللتان كانتا ملاكا للأحكام وكانتا مقومتين لموضوعاتهما بناء على التحقيق من كونهما بالوجوه والاعتبار فيختلّ بعض أركان الاستصحاب وهو اتحاد الموضوع ، بل يكون استصحاب العدم الأزلي للحكم بعد الزمان الخاص جاريا ، حيث انّ المنقطع منه إلى الوجود إنّما هو بالنسبة إلى الزمان الخاص وامّا بالنسبة إلى ما بعده فلا ، والمفروض كما عرفت تغاير الفعل الواقع فيه مع الفعل الواقع فيما قبل ، ولذلك قد أرجع النراقي (١) في الأفعال المحكومة بحكم في زمان معلوم وصارت مشكوكة الحكم بعده إلى استصحاب العدمي وقد تعرّض لبيان اتصال الشك اللاحق باليقين السابق بتقطيع الأفعال بالنسبة إلى الأزمنة بجعل عدم كل منها متيقّنا سابقا ومشكوكا لاحقا متصلا باليقين لأنّه وقع الشك في حكم الفعل قبل مجيء زمانه ؛ ولكنه قد أوقع التعارض بين استصحاب الوجود مع استصحاب العدم وسيجيء ما فيه.
والتحقيق : أن يقال : انّه بناء على أخذ موضوع الاستصحاب من العقل فلا مجال لاستصحاب أحكام الأفعال الوجودية ، وحيث انّه خلاف التحقيق بل المرجع في الموضوع هو العرف فلا بدّ ان يفصّل في الاستصحاب الوجودي :
بين أن يكون الزمان قيدا للموضوع ومقوّما له بحسب الدليل بحيث كان
__________________
(١) مناهج الاحكام : ٢٣٩ السطر ٢ ـ ١٣ قوله : « فوائد : الاولى : اعلم ان بعد ما عرفت حال تعارض الاستصحابين الخ ».