لكونهما في عرض واحد في كونهما أثرا للمستصحب عرفا ؛ والرجوع إليهم في تطبيق الدليل على ذي الواسطة إنّما يكون من باب الرجوع إليهم في تعيين أصل المفهوم لا في المصداق بدونه حتى لا يكون فهمهم في ذلك حجة ، لوضوح كون الشك في المصداق فيما نحن فيه من جهة الشك في سعة دائرة المفهوم وضيقه لا من جهة العوارض الخارجية.
ثم انّ ترتيب أثر الواسطة ـ مع خفائها ـ على ذيها امّا بمجرد تنزيله بلا تنزيل ذيها لما عرفت من رجوع حقيقة التنزيل في الموضوع إلى جعل الأثر فيصح الانتهاء إليه بكل ما يستكشف به ، ومنه الموضوع العرفي ، وإلاّ فلو احتيج في ترتيب ذاك الأثر إلى تنزيل الواسطة فيشكل :
أولا : بعدم كونها موردا للنقض ولا حكمه والفرض عدم كفاية تنزيل ذيها في ذلك.
وثانيا : بعدم الفرق حينئذ بين خفاء الواسطة وجلائها ، حيث انّ الفرق بينهما بالالتفات إلى الجلي دون الخفي فمع لزوم الاحتياج إلى لحاظه فلا يبقى بينهما فرق أبدا اثباتا ونفيا ، هذا ؛ مع ما عرفت من عدم الاحتياج إليه.
ثانيهما : ما إذا كانت الواسطة جلية ولكن كانت ملازمة مع ذيها في الوجود التنزيلي عرفا بحيث لا ينفك التنزيل في أحدهما عن التنزيل في الآخر كما كانا كذلك في الوجود الواقعي عقلا أو عادة وذلك كما في « النور » مع « الشمس » و « الجود » مع « حاتم » ؛ فمع الملازمة العرفية بين الواسطة وذيها كذلك وكون الملزوم موردا لليقين والشك دون لازمه يدل دليل الاستصحاب على تنزيله ابتداء بالمطابقة وعلى تنزيله تبعا بالالتزام فيترتب عليه آثارها.
فان قلت : ما ذكرت إنّما يتم فيما كان الملزوم ذا أثر شرعي أيضا كي يشمله دليل الاستصحاب بلحاظه فيتبعه لازمه دون ما إذا لم يكن كذلك حيث انّه لا يكون