انماث الإيمان في قلبه كانمياث الملح في الماء » (١) وانّ « من اتّهم أخاه فلا حرمة بينهما » (٢) إلى غير ذلك من الأخبار.
ولكن الانصاف عدم دلالتها إلاّ على انّ الفعل الصادر من المسلم لا يكون على وجه قبيح عنده كما لو دار الصادر منه بين المحرّم القبيح وبين الجائز المباح ، بل لا بدّ من حمله على صدوره على وجه مباح بلا دلالة لها على ترتيب الآثار الواقعية سواء كان الفعل الصادر منه مما له أثر واقعا للشاك كما لو دار كلامه بين السلام والسبّ أو بين البيع الصحيح والربا ، أو لا كما لو دار كلامه بين السبّ وقراءة القرآن مثلا. ويشهد على ذلك تكذيب خمسين قسامة في مقابل الواحد في رواية محمد بن الفضيل حيث انّه لا يصح حملها على التكذيب الواقعي وترتيب آثاره على الخمسين فانّه ترجيح المرجوح على الراجح ، بخلاف ما لو حملت الرواية على مجرد الحمل على عدم ارتكاب القبيح فانّه لا منافاة بين حمل كل من الواحد ، والخمسين ، على ذلك ويكون المراد من التكذيب حينئذ عدم ترتيب آثار الواقع على قولهم بتفسيق الآخر وحدّه مثلا ، هذا.
مع انّه على تقدير تسليم دلالة الرواية على ترتيب الأثر فلا بدّ من ترتيب أثر يكون جمعا بين الطرفين بل نفعا لهم بقرينة رواية اخرى في مقام مدح النبي صلىاللهعليهوآله بقوله عليهالسلام : « يصدق للمؤمنين » (٣) ؛ والأثر النافع للمجموع في مثل مورد الرواية عدم التكذيب الصوري بل القبول الصوري لكل من الطرفين وعدم الثقة والائتمان
__________________
(١) وسائل الشيعة ٨ : ٦١٣ الباب ١٦١ من ابواب احكام العشرة ، الحديث ١.
(٢) وسائل الشيعة ٨ : ٦١٤ الباب ١٦١ من ابواب احكام العشرة ، الحديث ٢.
(٣) تفسير العياشي ٢ : ٩٥ الحديث ٨٣ ؛ تفسير الصافي ٢ : ٣٥٣ ـ ٣٥٤ الحديث ٦١ ، لكن في كليهما : « يصدق المؤمنين ».