المقام الثاني : مقام المرافعة عند القاضي.
فان كان محطّها نفس صحة العقد المشكوك صدوره من البالغ وعدمه ، أو صحة المبايعة الصرفية المشكوك فيها القبض في المجلس ، أو صحة البيع الوقفي المشكوك صدوره مع التشاجر المنجرّ إلى الخراب مثلا إلى غير ذلك من الموارد ؛ فلا اشكال أيضا في العمل بأصالة الصحة وتقديم قول مدّعيها على مدّعي الفساد لكونه منكرا ، لمطابقة قوله لأصالة الصحة كما عرفت في غير مورد المرافعة.
وأمّا لو كان محطّها نفس منشأ الشك وهو وجود الشرط وعدمه ، كما لو قال البائع مثلا : « ما كنت بالغا عند العقد » مع كون غرضه اثبات فساد العقد فان كان تعيين المنكر بالأصل في الغرض على خلاف التحقيق لكان القول قول مدّعي البلوغ ، لمطابقة قوله لأصالة الصحة في الغرض المهم.
وان كان بالأصل في نفس محط النزاع كما هو التحقيق ، فيقدم قول منكر البلوغ بيمينه لأصالة عدم تحققه حال العقد فيحكم على طبقه.
فان قلت : لا أثر لأصالة عدم البلوغ إلاّ فساد العقد وقد عرفت تقدم أصالة الصحة عليها بالنسبة إلى هذا الأثر فلا تكون حجة حتى يقدم قول من كان قوله مطابقا لها.
قلت : انّ الأصل الموجب لتقديم قول المطابق لا يلزم أن يكون له أثر فعلي في مقام المرافعة بل يكفي أن يكون له اقتضاء الأثر.
فبعد الحكم يثبت بسبب حكم القاضي صدور العقد من غير البالغ ، فحكم بالفساد.
وان كان قبل الحكم ، يعمل على طبق اصالة الصحة في العقد ولو مع وقوع الدعوى في نفس الشرط لا في صحة البيع.