لا فرق بين جعل الحجية والحكم الطريقي في عدم تحقق الطلب الحقيقي في الفعل ، غاية الأمر :
بناء على قابلية الحكم الوضعي للجعل كما هو المختار في المقام أيضا على ما نشير إليه ، فلا بدّ من الالتزام بجعلها ، ويترتّب عليه الأثر الطريقي عقلا.
وبناء على عدم قابليته للجعل ابتداء ، فلا بدّ من انشاء الحكم الطريقي بداعي أثر الحجة فينتزع منه الحجية ، ويترتب على ذاك الأمر ما هو أثر الحجة ؛ فالأثر لا يدور مدار الطلب الحقيقي ، ولا يلزم من عدم الطلب البعثي الناشئ من ارادة حصول الفعل في الخارج عدم كون هذا الأمر مولويا كما في الأمر الامتحاني.
ولكن الأظهر مع ما عرفت من معنى الأمر الطريقي وعدم منافاته مع الأمر الحقيقي هو الحجية في الأمارات ، لأنّه مع كون الالتزام بانشاء الحكم في الأمارات بعدد مؤدّياتها في قبال الحكم الواقعي مستبعدا في نفسه تكون الحجية هي المتعيّن من طريقة العقلاء في نصبهم الطريق للواقعيات كما هو ديدنهم في جعل الأمارة وسائر ما يكون قابلا للجعل عندهم ومنشأ للآثار الخاصّة بلا التزامهم بجعل حكم تكليفي في مواردها ؛ إلاّ أن يكون التعبير به منهم من جهة بيان ما هو لازمها عقلا ، كما لا يخفى. هذا كلّه في الأمارات.
وامّا الاصول : فالاحتياط وكذا الاستصحاب بناء على حجيته من باب طريقة العقلاء على العمل على طبق الحالة السابقة رعاية للواقع مع حمل دليل الشرع على امضاء طريقتهم يكون حجّيتهما من باب الطريقية بمعنى عدم مصلحة في مؤداها غير مصلحة الواقع ، ويكون مصلحتها في تشريعها ولو كان ذلك هو غلبة إيصالها إلى الواقع أو التسهيل على العباد ، فيكون حالهما حال الأمارات اشكالا وجوابا ؛ ومقتضى هذا الوجه في الاستصحاب عدم الاجزاء.
وامّا بناء على الالتزام بكون مفاده حكما نفسيا كما يظهر من بعض الأخبار