عرفا مع العلم بالعدم لا بمجرد الشك ، فحينئذ لا وجه للتمسك في حرمة استناد المشكوك بقوله تعالى : ( قُلْ آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ ) (١) الدالّ على التوبيخ على الافتراء ، لما عرفت من عدم تحققه مع الشك.
الاّ ان يقال : انّ قضية المقابلة أن يكون الكلام في قوة أن يقال : « أو لم يأذن لكم بل على الله تفترون » فيكون ما عدى المأذون فيه داخلا في الافتراء سواء علم بالعدم أو شك فيه.
ولكنه يدفع : بأنّه يصح التمسك باطلاق الآية لو لم تكن مسوقة لمورد الغالب وهو الاستناد إليه تعالى مع العلم بالخلاف كما هو ديدنهم وربّما يشهد عليه ظهور لفظ الافتراء وصدرها.
وامّا الرواية التي تمسك بها الشيخ قدسسره (٢) على حرمة الاستناد مع الشك وهو قوله عليهالسلام في عداد القضاة من أهل النار : « ورجل قضى بالحق وهو لا يعلم » (٣) فالظاهر منها انّ استحقاق هذا القاضي للعقوبة لأجل تصدّيه ما ليس له من الحكومة وجلوسه مجلس القضاوة ؛ ويدلّ عليه قوله عليهالسلام في رواية اخرى : « لا يجلس هذا المجلس إلاّ نبي أو وصي نبي أو شقي » (٤) فلا يدلّ على حرمة الاستناد بغير العلم.
والحاصل : انّ الأدلة الدالة على حرمة الكذب والافتراء لا تدل على حرمة الاستناد مع الشك للشك في كونها مصداقا لهما فيكون التمسّك من قبيل التمسك
__________________
(١) سورة يونس : ٥٩.
(٢) فرائد الاصول ١ : ١٢٦.
(٣) وسائل الشيعة ١٨ : ١١ الباب ٤ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٦.
(٤) الكافي ٧ : ٤٠٦ كتاب القضاء والاحكام ، باب ان الحكومة انما هي للامام عليهالسلام ، الحديث ٢ ؛ وسائل الشيعة ١٨ : ٦ الباب ٣ من ابواب صفات القاضي ، الحديث ٢ ، وفيه : « قد جلست مجلسا لا يجلسه الاّ ... ».