وأمّا الصحّة في العبادات ، فالمتكلّمون (١) على أنّها موافقة أمر الشارع ، والبطلان ما قابله. والفقهاء (٢) على أنّها ما أسقط القضاء ، والبطلان ما قابله.
وفائدة الخلاف في الصلاة بظنّ الطهارة إذا ظهر خلافه ؛ فإنّها توصف بالصحّة على الأوّل دون الثاني.
والظاهر أنّ التعريف الأوّل أقرب إلى الصواب ؛ لأنّ المراد ممّا أسقط القضاء في التعريف الثاني إن كان أنّ له قضاء إلاّ أنّه أسقطه ، فينقض بصلاة العيد إذا كانت صحيحة ؛ فإنّه ليس لها قضاء أصلا ، وبالنذر المطلق والقضاء نفسه ؛ وإن كان المراد منه أنّه لا يوجب القضاء ـ سواء كان له قضاء وأسقطه ، أو لم يكن له في الواقع قضاء ـ فينتقض بصلاة العيد إذا كانت فاسدة ؛ فإنّه ليس لها قضاء (٣) ، مع أنّه على التعريف يلزم أن يكون لها قضاء.
واورد على التعريف الأوّل بأنّ الختان ـ مثلا ـ يوصف بكونه موافقا للشريعة مع عدم اتّصافه بالصحّة (٤).
وفيه منع عدم الاتّصاف.
والحقّ : أنّ الصحّة والبطلان في العبادات بالمعنيين ليسا من أحكام الوضع ؛ لأنّ كون الفعل موافقا لأمر الشارع ، أو غير موافق له ، أو تمام ما أمر به الشارع حتّى يكون مسقطا للقضاء ، أو غيره ممّا يدركه العقل ، ولا يحتاج إلى وضع الشارع ، فلا يكون من أحكام الوضع ، بل هو عقليّ محض.
نعم ، إن فسّر الصحّة في العبادات أيضا بترتّب الأثر الشرعي ، والبطلان بما قابله ـ كما احتمله بعض المحقّقين (٥) ـ أمكن القول بكونهما من أحكام الوضع.
ثمّ الحقّ ـ كما ذهب إليه أصحابنا (٦) وأكثر العامّة (٧) ـ أنّ الفاسد يرادف الباطل ، وخالف
__________________
(١ و ٢) راجع : المحصول ١ : ١١٢ ، والإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٧٥.
(٣) في هامش « أ » : « فيصدق عليه التعريف. خ ل » ولم يرد في « ب » أيضا.
(٤) نسبه السيّد ضياء الدين إلى العلاّمة في منية اللبيب : ١٥.
(٥) احتمله الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام ١ : ١٧٦.
(٦) قاله الشهيد الثاني في تمهيد القواعد : ٣٩ ، القاعدة ٤.
(٧) حكاه عنهم الشهيد الثاني في المصدر.